62

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Исследователь

خالد بن عثمان السبت

Издатель

دار عطاءات العلم (الرياض)

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Место издания

دار ابن حزم (بيروت)

Жанры

أما غير هذا من الشفاعةِ للكفارِ فهو ممنوعٌ إجماعًا، وإنما نَفَعَتْ شفاعةُ النبيِّ ﷺ عَمَّهُ أبا طَالِبٍ في نقلٍ من محلٍّ من النارِ إلى محلٍّ آخَرَ. الشفاعةُ المنفيةُ الأخرى هي الشفاعةُ بدونِ إِذْنِ رَبِّ السماواتِ والأرضِ (^١)، فهذه ممنوعةٌ بَتَاتًا بإجماعِ المسلمين، وبدلالةِ القرآنِ العظيمِ، كقوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: آية ٢٥٥]. وادعاءُ هذه الشفاعةِ شِرْكٌ بالله وَكُفْرٌ به، كما قال (جل وعلا): ﴿وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: آية ١٨]. وَوَجْهُ كونِ هذه الشفاعةِ من أنواعِ الشركِ - ولله الْمَثَلُ الأعلى -: أن ملوكَ الدنيا قد يتمكنونَ من مجرمٍ يتقطعونَ عليه غَيْظًا، ويريدونَ أن يُقَطِّعوه عُضْوًا عُضْوًا، فيأتي بعضُ أهلِ الجاهِ والشرفِ ويشفعُ عندهم له، فيضطرون إلى قَبُولِ شفاعتِه؛ لأنهم لو رَدُّوا شفاعتَه لَصَارَ عَدُوًّا لهم، وَتَرَقَّبُوا منه بعضَ الغوائلِ، فيضطرون إلى أن يُشفِّعُوهُ وهم كَارِهُونَ، خَوْفًا من سُوئِهِ، وربُّ السماواتِ والأرضِ لا يخافُ أحدًا، ولَا يمكن أن يَضُرَّهُ أحدٌ، فلا يمكنُ أن يتجاسرَ أحدٌ عليه بمثلِ هذا، وله المثلُ الأَعْلَى؛ ولذا قال

(^١) انظر: مجموع الفتاوى (١/ ١٣٠)، (١٥٠). (٣٣٢)، (١٤/ ٣٨٠ - ٤١٥)، شرح الطحاوية ص٣٠٠ - ٣٠٢.

1 / 66