272

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Редактор

خالد بن عثمان السبت

Издатель

دار عطاءات العلم (الرياض)

Номер издания

الخامسة

Год публикации

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Место издания

دار ابن حزم (بيروت)

Жанры

عَجِبْتُ لِلُطْفِ اللَّهِ فِينَا وَقَدْ بَدَا لَهُ صَدْفُنَا عَنْ كُلِّ وَحْيٍ مُنَزَّلِ
(صَدْفُنَا) أَيْ: إِعْرَاضُنَا. ومن هذا المعنى قولُ ابنِ الرّقاعِ يمدحُ نسوةُ، قال (^١):
إِذَا ذَكَرْنَ حَدِيثًا قُلْنَ أَحْسَنَهُ وَهُنَّ عَنْ كُلِّ سُوءٍ يُتَّقَى صُدُفُ
جمع صادفةٍ، أي: مُعْرِضَاتٍ صاداتٍ عنه، وهذا يُسْتَبْعَدُ؛ لأن (ثُمَّ) هنا للاستبعادِ كما حَقَّقَهُ بعضُ العلماءِ؛ لأنه يُسْتَبْعَدُ مِمَّنْ صَرَّفَ له خالقُه الآياتِ، وبيَّن له هذا من البيانِ، يستبعدُ منه بعدَ هذا: الإعراضَ والصدودَ عن اللَّهِ جل وعلا.
وَمِنْ إتيانِ (ثُمَّ) للاستبعادِ قولُ الشاعرِ (^٢):
وَلَا يَكْشِفُ الْغَمَّاءَ إِلَاّ ابْنُ حُرَّةٍ يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُورُهَا
لأن مَنْ عَايَنَ غمراتِ الموتِ يُسْتَبْعَدُ منه اقتحامُها والوقوعُ فيها. وهذا معنَى قولِه: ﴿ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾.
﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَاّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الأنعام: آية ٤٧] ﴿قُلْ﴾ لهم يا نَبِيَّ اللَّهِ: ﴿أَرَأَيْتَكُمْ﴾ أَخْبِرُونِي ﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً﴾ كان الحسنُ البصريُّ يقولُ: ﴿بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً﴾ أي: ليلًا أو نهارًا (^٣)، وهذا التفسيرُ ليس كما ينبغي، بل التحقيقُ أن معنَى بغتة: أي: أَتَاكُمُ العذابُ في

(^١) البيت في ابن جرير (١١/ ٣٦٦)، القرطبي (٦/ ٤٢٨)، البحر المحيط (٤/ ١١٧)، الدر المصون (٤/ ٦٣٦)، الأضواء (٢/ ٢٨٣).
(^٢) مضى عند تفسير الآية (٧٤) من سورة البقرة.
(^٣) انظر: القرطبي (٦/ ٤٢٩).

1 / 276