الإبصارُ لا فائدةَ فيها، وجرمُ الأُذُنِ إذا نُزِعَ منه السماعُ لا فائدةَ فيه. هذان الوجهانِ مَعْرُوفَانِ.
وقولُه: ﴿مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ﴾ ﴿مَّنْ﴾ مُبْتَدَأٌ، و﴿إِلَهٌ﴾ خبرُه، و﴿غَيْرُ اللَّهِ﴾ نعتُ للإِلَهِ. والفعلُ في قولِه: ﴿يَأْتِيكُم بِهِ﴾ في مَحَلِّ النعتِ أيضًا. مَنْ إِلَهٌ غيرُ اللَّهِ يَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ (^١)؟
في هذه الآيةِ الكريمةِ سُؤَالَانِ عَرَبِيَّانِ مَعْرُوفَانِ:
أحدُهما: أن اللَّهَ هنا أَفْرَدَ السمعَ، وجمعَ الأبصارَ والقلوبَ، حيثُ قَالَ: ﴿إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ فَجَمَعَ الأبصارَ، وجمعَ القلوبَ، وأفردَ السمعَ ولم يَجْمَعْهُ، وهكذا في سائرِ القرآنِ، يَجْمَعُ ما ذُكِرَ مع السمعِ، وَيُفْرِدُ السمعَ، ولا يَجْمَعُهُ في القرآنِ؟
السؤالُ الثاني: أن اللَّهَ ذَكَرَ أشياءَ متعددةً في قولِه: ﴿إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم﴾ ثُمَّ رَدَّ عليها ضميرَ اسمِه الواحدِ في قوله: ﴿مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ بضميرٍ مذكرٍ مفردٍ؟
هذانِ السؤالانِ العربيانِ في هذه الآيةِ الكريمةِ. والجوابُ عنهما معروفٌ مِنْ لغةِ العربِ.
أما الجوابُ عن الأولِ - وهو إفرادُ السمعِ في سائرِ القرآنِ - فلعلماءِ العربيةِ فيه وجهانِ مَعْرُوفَانِ:
أحدُهما (^٢): أن أصلَ (السمعِ) مصدرٌ، وأنه مصدرُ: سَمِعَهُ،
(^١) انظر: القرطبي (٦/ ٤٢٨)، الدر المصون (٤/ ٦٣٦).
(^٢) انظر: القرطبي (١/ ١٩٠)، (٦/ ٤٢٧)، البحر المحيط (١/ ٤٩)، الدر المصون (١/ ١١٤).