36

أدب الموعظة

أدب الموعظة

Издатель

مؤسسة الحرمين الخيرية

Номер издания

الأولى ١٤٢٤هـ

Жанры

ولقد كان من حكمة نبينا محمد- ﷺ في الدعوة أنه لا يجعل الوعظ ركاما، بل كان يتحرى بالموعظة وقت حاجة الناس إليها، أو وقت نشاطهم لسماعها. أورد البخاري- رحمه الله تعالى- في كتاب العلم من صحيحه بابين في هذا الشأن. أحدهما: "باب ما كان النبي- ﷺ يتخولهم بالموعظة والعلم؛ كي لا ينفروا." وتحت هذا الباب ساق بسنده حديثين، أحدهما عن ابن مسعود- ﵁ قال: "كان النبي- ﷺ يتخولنا بالموعظة في الأيام؛ كراهة السامة علينا."١ والثاني عن أنس- ﵁ عن النبي- ﷺ قال: "يسروا، ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا". ٢ والباب الثاني: "باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة." ثم قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حرير عن منصور عن أبي وائل قال: كان عبد الله- يعني ابن مسعود- يذكر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! لوددت لوذكرتنا كل يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أخولكم بالموعظة، كما كان النبي- صلى الله عليه وسم- يتخولنا بها؛ مخافة السامة علينا."٣ قال ابن حجر- ﵀: في شرح الحديث الأول: "في قوله"كان يتخولنا": " والمعنى كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كل يوم؛ لئلا نمل."٤ وقال: "وقوله: "علينا": أي السآمة الطارئة، أو ضمن معنى المشقة،

١ - البخاري [٦٧]، وأخرجه المسلم [٢٨٢١] . ٢ - البخاري [٦٩]، وأخرجه مسلم [١٧٣٤] . ٣ - البخاري [٧٠]، وأخرجه مسلم [٢٨٢١] . ٤ - فتح الباري١/ ١٩٦.

1 / 38