وكان يقول: ابن آدم! لا تحقرن من الطاعة شيئا، وإن قل في نفسك، وصغر عندك؛ فإن الله سبحانه يقبل مثقال الذرة، ويجازي على اللحظة، ولو رأيت قدره عند ربك لسرك، ولا تحقرن من المعصية شيئا، وإن قل في نفسك، وصغر عندك؛ فإن ربك شديد العقاب.
وحضر يوما مجلسا جمع شيوخا وشبابا، فقال: معشر الشيوخ! ما يصنع بالزرع إذا طاب؟ فقالوا: يحصد، ثم التفت فقال: معشر الشباب! كم من زرع لم يبلغ قد أدركته الآفة فأهلكته، وأتت عليه الجائحة فأتلفته! ثم بكى وتلا: {ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون}.
وكان يقول: ابن آدم! إنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.
ابن آدم! لو أن الناس كلهم أطاعوا الله، وعصيت أنت، لم تنفعك طاعتهم، ولو عصوا الله، وأطعته، لم تضرك معصيتهم.
ابن آدم! دينك دينك؛ فإنما هو لحمك ودمك، فإن سلم لك دينك، سلم لحمك ودمك، وإن تكن الأخرى، فاستعذ بالله منها؛ فإنما هي نار لا تطفأ، وجسم لا يبلى، ونفس لا تموت.
وكان يقول: لا يزال العبد بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت الفكرة من عمله، والذكر من شأنه، والمحاسبة من همته، ولا يزال بشر ما استعمل التسويف، واتبع الهوى، وأكثر الغفلة، ورجح في الأماني.
Страница 128