302

Полное собрание сочинений имама Мухаммада аль-Хидра Хусейна

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Редактор

علي الرضا الحسيني

Издатель

دار النوادر

Издание

الأولى

Год публикации

1431 AH

Место издания

سوريا

Жанры

مجازاة الظالمين، وأحرى بهذه المجازاة من كانوا دونه في الفضل وعلو المنزلة إذا اتبعوا أهواء المبطلين. ومفاد الآية: أن هذا الوعيد منوط باتباع أهوائهم غير منظور فيه إلى حال المتبع له. وفي قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ شاهد على أن اتباع الرجل للهوى، وهو على علم منه، أفظعُ من اتباعه له وهو على جهالة، وأن مخالفته للحق وهو عالم به أدعى إلى عتابه أو عقابه وهو جاهل به. وقال فيمن يتبع أهواء المخالفين: ﴿إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾. وهو أبلغ من أن يقال: إنك ظالم؛ ذلك أن الإنسان إذا تصور فئة من الناس يضعون الأشياء في غير مواضعها بمخالفة أمر الله، أو بالاعتداء على الأعراض والأموال والأنفس، حصلت في نفسه صورة مستبشعة، ووجد فيها كراهية لأن يقال له: أنت من هذه الفئة، أشد من كراهيته لأن يقال له: أنت ظالم.
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾:
الذين أوتوا التوراة والإنجيل يعرفون رسول الله ﷺ، ومعنى معرفتهم له: علمهم بصدق رسالته الحاصل من دلائل نبوته، وموافقة نعوته لنعوت الرسول المبشر به في كتبهم، فهم يعرفون محمدًا بصفته رسولًا من عند الله، لا يأخذهم شك في ذلك؛ كما لا يأخذهم شك في معرفة أبنائهم؛ لكثرة ملابستهم لهم، ولمعرفتهم أنه رسول حق يعرفون أن تحويل القبلة إلى الكعبة شرع من الله، لا يأخذهم في ذلك ريب.
﴿وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾:
يكتمون الحق: يخفونه ولا يعلنونه، فمن أنكر الحق، وجحد به، فهو كاتم له، ومن سكت عنه في الوقت الذي يقتضي بيانه، فهو كاتم له، غير

1 / 268