في وصف، كما تسمح بالتعبير عنه بصيغة الجمع إذا أضيف إلى مثنى مثله؛ كما قال تعالى:
﴿وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ﴾:
ما أولئك اليهود بتابعين قبلة النصارى، ولا أولئك النصارى بتابعين قبلة اليهود، يأبون ذلك تقليدًا لآبائهم، لا لدليل يستندون إليه بعد المقارنة بين القبلتين؛ فهم متفقون على عدم اتباع القبلة التي هي حق، ومشتركون في أن قبلة كل منهم ليست بحق، فاثبتوا على قبلتكم، ودعوهم وشأنهم، ولا تقيموا لمشاغبتهم وزنًا.
﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾:
لما ثبت أن التحويل إلى الكعبة هو الحق، صار المتوجه إلى غيرها إنما هو متبع للهوى، قال تعالى محذرًا للأمة من التوجه إلى بيت المقدس متابعة لأهل الكتاب تحذيرًا في صورة الخطاب للإمام الأعظم - صلوات الله عليه -: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾، والأهواء: جمع هوى، وهو الرأي الباطل.
والعلم الذي جاءه على طريق الوحي هو أن أهل الكتاب مقيمون على باطل، وعلى عناد الحق، ووصفُ المتبع لأهوائهم بأنه من قبيل الظالمين، وعيدٌ بالجزاء الذي يليق بمن ظلموا أنفسهم أو غيرهم بارتكاب ما ليس بحق. فالآية وعيد وتحذير للأمة من اتباع آراء أهل الكتاب المنبعثة عن هوى، وأخرجت الوعيد والتحذير في صورة الخطاب للرسول الأكرم، الذي لا يتوقع منه أن يتبع أهواء أهل الكتاب؛ تأكيدًا للوعيد والتحذير؛ فكأنه يقول: لو اتبع أهواءهم أفضلُ الخليقة وأعلاهم منزلة عندي، لجازيته