تحرير عنوان الكتاب
لم ينص المؤلف على عنوان كتابه في مقدمته، ولكنه أحال عليه في ثلاثة كتب من مؤلفاته باسم «المعالم» يعني: «معالم الموقعين عن ربِّ العالمين»، كما سبق في المبحث السابق. أما كتب التراجم ومخطوطات الكتاب فورد فيها هذا العنوان وعنوان آخر اشتهر به الكتاب، ولا فرق بينهما إلا في الكلمة الأولى، ولا شك أن كليهما من تسمية المؤلف. ولكن قبل أن نتكلم على العنوان المشهور، نبدأ بالجزء الثاني منه الذي لا خلاف فيه، فمن الموقِّعون عن رب العالمين؟
للإجابة عن هذا السؤال نرجع إلى كتاب المؤلف: «التبيان في أيمان القرآن» الذي يقول فيه، وهو يذكر أنواع الأقلام (ص ٣٠٦، ٣٠٧): «والقلم الثالث: قلم التوقيع عن الله ورسوله، وهو قلم الفقهاء والمفتين. وهذا القلم أيضًا حاكم غير محكوم عليه، فإليه التحاكم في الدماء والأموال والفروج والحقوق. وأصحابُه مخبِرون عن الله بحكمه الذي حكم به بين عباده». والقلم السابع عنده: «قلم الحكم الذي تثبت به الحقوق، وتنفَّذ به القضايا، وتراق به الدماء، وتؤخذ به الأموال والحقوق من اليد العادية، فتُرَدُّ إلى اليد المحقّة، وتثبت به الأنساب، وتنقطع به الخصومات». فهذا قلم القضاة. ثم يذكر النسبة بين القلمين، فيقول: «وبين هذا القلم وقلم التوقيع عن الله عموم وخصوص: فهذا له النفوذ واللزوم، وذاك له العموم والشمول».
وفي مقدمة كتابنا هذا قسم المؤلف علماء الأمة إلى ضربين: أحدهما حفاظ الحديث وجهابذته، والثاني: فقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام. ثم قال في علو منزلتهم وما يشترط وصفهم به (١/ ١٧):
المقدمة / 13