أهمية الكتاب وقيمته العلمية
«أعلام الموقعين» من أهم الكتب التي ألِّفت في أصول الفقه وقواعده، وحكمة التشريع ومقاصده، والإفتاء وضوابطه، والقياس وأنواعه، والتقليد ومفاسده، والحيل ومضارّها، حتى قال السيد رشيد رضا: «لم يؤلِّف مثله أحد من المسلمين في حكمة التشريع ومسائل الاجتهاد والتقليد والفتوى وما يتعلق بذلك، كبيان الرأي الصحيح والفاسد، والقياس الصحيح والفاسد، ومسائل الحيل، وغير ذلك من الفوائد التي لا يستغني عن معرفتها عالم من علماء الإسلام» (^١).
وقد سبق استعراض المباحث الأساسية للكتاب وبيان ترتيبها وكيفية الانتقال من مبحث إلى آخر، وعرفنا بذلك أنه وإن لم يكن خاصًّا بأصول الفقه إلَّا أن معظم مباحثه تتعلق بالأصول، ولذا يُصنَّف الكتاب عادةً في المكتبة الإسلامية ضمن كتب الأصول، ولكنَّه ليس مرتّبًا مثل ترتيبها، ولا بحث المؤلف المسائل الأصولية على طريقة الأصوليين في كتبهم، بل تناولها بطريقة جديدة تتميز بكثرة الأمثلة الفقهية على هذه المسائل، وذِكر الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين فيها، والإسهاب في المناقشة، وترجيح ما هو الحق والصواب بأدلة كثيرة مقنعة، وكل ذلك بأسلوب سهل مبسط وبيان مشرق جذّاب دون تعقيد أو غموض. ويمكن أن يرجع القارئ إلى كلامه في القياس، والاستصحاب، وعمل أهل المدينة، والتقليد، وسدّ الذرائع، والاحتجاج بقول الصحابي، وشمول النصوص للأحكام، وأنه ليس في الشريعة ما يخالف القياس، وحجية السنة ومنزلتها من الكتاب،
_________
(^١) مجلة «المنار» المجلد ١٢ (١٩٠٩) ص ٧٨٦.
المقدمة / 56