متى عرض الحجا لله ضاقت
مذاهبه عليه وإن عرضنه
ومعناه ظاهر بين، يشبه ما في القول السابق. وقد فسره بعضهم بقوله: «أي لا يزال عقل الإنسان يتسع مجاله في الأمور، ويستعمل أنواع القياس؛ حتى ينتهي إلى الله تعالى. فإذا انتهى إليه ضاقت المذاهب عليه، فلم يعلم أكثر من أنه سبحانه خالق المخلوقات». انتهى.
وقد أحسن أبو العلاء في قوله بعد هذا البيت:
وقد كذب الذي يغدو بعقل
لتصحيح الشروع وقد مرضنه
الشروع: جمع شرع. قال بعض الفضلاء: «مرض الشرائع أن تخفى أسبابها، فلا يوقف على حقائقها، فيظن الناظر فيها أنها فاسدة، وإنما الفاسد عقله، لأنه تعاطى سرا غامضا ليقف عليه». انتهى.
قلت: فليت المتبجحين كل يوم بإصلاح الدين الإسلامي ليوافق روح العصر كما يزعمون، ينظرون نظرة في هذا البيت، نسأل الله لنا ولهم الهداية. •••
وبعد، فليس في كلام أبي العلاء ما يوهم نقصا في حق الخالق سبحانه وتعالى، فضلا عن إنكار وجوده، غير هذه الأقوال الثلاثة. وقد عرفت أنها ليست في شيء من ذلك ألبتة. فلم يبق إلا أن نسرد لك عيون أقواله الدالة على حسن معتقده في خالقه. قال:
للمليك المذكرات عبيد
Неизвестная страница