ذاك، على زعم صاحبي، ما قاله الله - تعالى - عن الرئيس ابن سينا.
فضحكت ثم ضحكت، وودعت محدثي قائلة: «حقا إنك رجل ظريف!» وهمست لنفسي مرة
•••
واستيقظت في الغد فأذهلني أن أشعر بترضرض في روحي، وبطعم الفناء في فمي، وبأثقال تميع على صفحة وجداني كأنها أحمال الدماء.
وبكى في قلبي لما شهدته من الدعوى الفارغة، واللغو المزعج، والتمثيل الكاذب، والعاطفة السقيمة، ثم قلت مصممة: «إذن فالليلة لا رقص ولا حديث.»
وجن الليل فقصدت إلى السهرة الحافلة. تجنبت قاعة الراقصات والراقصين، وهربت من أظرف رجل بين الرجال، وانتحيت مكانا فيه ينفرد الرجل السكوت.
بادرته بالتحية فلم يرد التحية، وألقيت عليه الأسئلة فلم يحر جوابا، وإنما نظر إلي نظرة رأيت وراءها محافل الأجيال ومواكب الدهور، فجلست في ظل سكوته، ولم يكن سكوته سوى سكوت الفضاء المملوء بحفيف الأفلاك، وانبسطت دوائر فكره، وترامت قليلا قليلا فاحتوت هالة كياني، واجتذبتني منه القوة السرية إلى سويداء قلب الوجود؛ حيث الليل الأليل يفضي إلى برج الأضواء.
وانتهت السهرة قبل أن تبتدئ. ولما عدت إلى مضجعي لم أرقد إلا لأواصل السير في عالم السكوت.
واستيقظت في الصباح فحركت روحي جناحيها وقد لونتهما أشعة قوس الغمام ، وارتفعت جبهتي تحت تاج معنوي قد ركز عليها، ونموت وكبرت فجأة؛ لأن مختلف الرغبات في المعرفة والاطلاع انبثقت في.
وها قد انقضت ملايين أعوام فيها تعلمت جميع لغات الإنس والجن، ووعيت جميع علومهم، واستظهرت جميع مصنفاتهم، وتتلمذت لجميع أساتذتهم، وجادلت جميع فلاسفتهم، ومحصت جميع أقوالهم، وسبرت أغوارهم، وتسلقت جميع قممهم، ولمست قدماي الداميتان عتبات الغيوب دون أن أظفر بإدراك أبسط معنى يجول في خاطر الرجل السكوت.
ناپیژندل شوی مخ