فالجواب: أن حديث الزهري فيه أن عمر قررهما به فأقرا، وليس ذلك في رواية أيوب عن عكرمة بن خالد، إنما فيها: قد علما...إلى آخره، دون ذكر إقرارهما به، وهي دعوى عليهما لا تسمع مع غضب عمر، لو صحت الرواية عنه؛ لأنه قد يكون ظن علمهما بها تصديقا لأبي بكر على فرض أن أبا بكر قد رواها، والواقع بخلافه.
ولأنه يجر إلى نفسه ليبني عليها ردهما بحجة معلومة عند خصمه، وسكوتهما ليس إقرارا؛ لأنهما قد يسكتان، لأنه قد احتج بما احتج به أبو بكر بزعم القوم، فلو قالا: لم نعلمه...، لقال لهما: أليس قد سمعه أبو بكر.
فإن قالا: لا، كانا قد قدحا في صدق أبي بكر، وكانت هذه حجة عليهما عند العامة.
وإن قال: قد سمعه، فهما لا يعلمان ذلك بل يعلمان خلافه.
فكان السكوت أصوب وأسلم بالنسبة إلى ما يزعم العامة من أن أبا بكر قد احتج به.
فأما إذا لم يصح عنه فإن الداعي إلى السكوت أن الخليفة قد رواه في هذه القصة لو صحت فلا يمكن رده في وجهه، وهما لو قالا: لا نعلمه، لكان ذلك ردا له، فكان السكوت أسلم على فرض صحة رواية أيوب عن عكرمة بن خالد.
فقد ظهر أنه لا متابعة.
وهذا مع إن رواية أيوب ليس فيها ذكر المناشدة والإقرار بعدها، فبين الروايتين تباعد: فهذه تذكر الإقرار بعد المناشدة بالله، وهذه تجعل الحديث أمرا معلوما لعلي والعباس رضي الله عنهما لا نزاع فيه بزعم عمر، فهو في رواية الزهري يحتاج إلى المناشدة وفي رواية أيوب يخبر بعلمهما ويتكل عليه ويجعله أمرا مفروغا منه.
فظهر أنه لا متابعة بل تعارض.
سابعا: في رواية الزهري قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله: ((ما نورث ما تركنا صدقة)) فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا.
مخ ۱۸