وتعريف الأنهار في قوله : ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) لإرادة الجنس ، كما تقول : لفلان بستان فيه الماء الجاري والعنب والفواكه. أو يراد الأنهار المذكورة في قوله : ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) (1) أو يراد : أنهارها ، فعوض التعريف باللام من تعريف الإضافة ، كقوله تعالى : ( واشتعل الرأس شيبا ) (2).
والنهر بالفتح والسكون : المجرى الواسع فوق الجدول ودون البحر ، كالنيل والفرات. والتركيب للسعة. والمراد بها ماؤها على الإضمار أو المجاز. ومعنى «من تحتها» من تحت أشجارها كما تراها جارية تحت الأشجار النابتة على شواطئها. وعن مسروق : أنهار الجنة تجري في غير أخدود.
وقوله : ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ) صفة ثانية ل «جنات» ، أو جملة مستأنفة ، كأنه لما قيل : ( أن لهم جنات ) وقع في قلب السامع : أثمارها مثل ثمار الدنيا أو أجناس أخر؟ فأزيح بذلك فقيل : إن ثمارها أشباه ثمار جنات الدنيا أي : أجناسها أجناسها وإن تفاوتت إلى غاية لا يعلمها إلا الله. أو خبر مبتدأ محذوف ، والمعنى : هم كلما رزقوا من أشجار الجنات نوعا من أنواع الثمار رزقا ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) أي : من قبل هذا في الدنيا.
و «كلما» نصب على الظرف و «رزقا» مفعول به ، و «من» الأولى والثانية للابتداء واقعتان موقع الحال. وأصل الكلام : أن كل حين رزقوا مرزوقا مبتدأ من الجنات ، مبتدأ من ثمرة ، فصاحب الحال الأولى : «رزقا» ، وصاحب الحال الثانية ضميره المستكن في الحال. ويحتمل أن يكون «من ثمرة» بيانا تقدم ، كما في قولك : رأيت منك أسدا.
و «هذا» إشارة إلى نوع ما رزقوا ، كقولك مشيرا إلى نهر جار : هذا الماء لا
مخ ۹۵