403

وعن أبي عبد الله عليه السلام : «أن لكل شيء ذروة ، وذروة القرآن آية الكرسي» (1).

ولما ذكر سبحانه اختلاف الأمم وأنه لو شاء لأكرههم على الدين ، ثم بين دين الحق وهو التوحيد ، عقبه بأن الحق قد ظهر والعبد قد خير ، فقال : ( لا إكراه في الدين ) يعني : لم يجر الله أمر الإيمان على القسر والإجبار ، بل على التمكين والاختيار ، فأمور الدين جارية على التمكن والاختيار ، لا على القسر والإجبار. ونحوه ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) (2) أي : لو شاء لأجبرهم على الإيمان ، لكنه لم يفعل ، وبنى الأمر على الاختيار. وقيل : هو بمعنى النهي ، أي : لا تكرهوا في الدين.

ثم قالوا : هو منسوخ بآية السيف ، وهو قوله تعالى : ( جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) (3). وقيل : مخصوص بأهل الكتاب إذا أدوا الجزية ، لما روي أن أنصاريا كان له ابنان تنصرا قبل المبعث ، ثم قدما المدينة فلزمهما أبوهما وقال : والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، فقال الأنصاري : يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر إليه فنزلت ، فخلاهما.

( قد تبين الرشد من الغي ) قد تميز الإيمان من الكفر بالآيات النيرة والأدلة الواضحة ، ودلت الدلائل على أن الإيمان رشد يوصل إلى السعادة الأبدية ، والكفر غي يؤدي إلى الشقاوة السرمدية ، والعاقل متى تبين له ذلك بادرت نفسه إلى الإيمان طلبا للفوز بالسعادة والنجاة ، ولم يحتج إلى الإكراه والإلجاء.

( فمن يكفر بالطاغوت ) بالشيطان أو الأصنام ، أو كل ما عبد من دون الله أو صد عن عبادة الله. فعلوت من الطغيان ، قلبت عينه ولامه ، يستوي فيه الجمع

مخ ۴۰۸