393

( تلك ) إشارة إلى القصص التي اقتصها من حديث إماتة الألوف من الناس وإحيائهم ، وتمليك طالوت ، ونزول التابوت ، وانهزام الجبابرة مع شدة قوتهم وشوكتهم على يد صبي ( آيات الله نتلوها عليك ) دلالات الله على قدرته ، نقرأها ، أي : يقرأها جبرئيل عليك بأمرنا ( بالحق ) بالوجه المطابق الذي لا يشك فيه أهل الكتاب وأرباب التواريخ ( وإنك لمن المرسلين ) لما أخبرت بها من غير استماع وتعرف بقراءة وكتابة.

( تلك الرسل ) إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة ، أو الجماعة المعلومة للرسول ( فضلنا بعضهم على بعض ) بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره.

ثم فصل ذلك التفضيل بقوله : ( منهم من كلم الله ) من غير سفير وهو موسى.

وقيل : موسى ومحمد صلى الله عليه وآلهوسلم ، كلم موسى ليلة الحيرة وفي الطور ، ومحمدا ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى ، وبينهما بون بعيد.

( ورفع بعضهم درجات ) أي : منهم رفعه على سائر الأنبياء ، بأن فضله على غيره من وجوه متعددة أو بمراتب متباعدة ، وهو محمد صلى الله عليه وآلهوسلم ، فإنه خص بالدعوة العامة ببعثه إلى جميع الإنس والجن ، وبالحجج المتكاثرة والمعجزات المتصاعدة إلى ثلاثة آلاف ، وقيل إلى ألف ، وهو الأصح ، وبالمعجزة القائمة إلى يوم القيامة ، وهي القرآن وسائر الآيات المتعاقبة بتعاقب الدهر ، والفضائل العلمية والعملية غير المحصورة. وهذا دليل بين أن من زيد تفضيلا بالآيات منهم فقد فضل على غيره ، ولما كان نبينا صلى الله عليه وآلهوسلم هو الذي أوتي منها ما لم يؤت أحد في كثرتها وعظمها ، كان هذا المشهود له بإحراز قصبات الفضل غير مدافع ، اللهم ارزقنا شفاعته يوم الدين.

وفي هذا الإبهام من تعظيم شأنه وإعلاء مكانه ما لا يخفى ، لأن فيه أنه العلم المشهور المتعين لهذا الوصف المستغني عن التعيين ، وقد سئل الحطيئة عن أشعر

مخ ۳۹۸