349

يجامعونهن ولا يبالون بالحيض. ووصفه بالأذى ، وترتيب الحكم عليه بالفاء ، للإشعار بأنه العلة في وجوب الاعتزال عنهن.

( ولا تقربوهن ) بالمجامعة ( حتى يطهرن ) تأكيد للحكم وبيان لغايته ، وهي : أن ينقين من الحيض ، أو يغتسلن بعد الانقطاع. ويدل عليه قراءة حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر : يطهرن ، أي : يتطهرن ، بمعنى : يغتسلن ، وقوله بعده : ( فإذا تطهرن فأتوهن ) فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل. وقيل : توضأن أو غسلن الفرج بعد انقطاع الدم.

وقال صاحب كنز العرفان (1): اختلف في مدة زمان الاعتزال وغايتها ، قال الشافعي : حتى تغتسل ، ويحتج بأنه جمع بين القراءتين ، ولقوله : ( فإذا تطهرن فأتوهن ) فلا يجوز وطؤها حتى تطهر وتتطهر. وقال أبو حنيفة : بالجمع بين القراءتين ، بأن له أن يطأها في أكثر الحيض بعد الانقطاع وإن لم تغتسل ، وفي أقله لا يقربها بعد الانقطاع إلا مع الاغتسال. وأما أصحابنا فجمعوا بينهما ، بأنه قبل الغسل جائز على كراهية ، وبعده لا كراهية. وقال بعض أصحابنا بقول الشافعي. وليس بشيء ، لأن «تفعل» قد جاء بمعنى «فعل» كالمتكبر في أسماء الله تعالى ، وكقولك : تطعمت الطعام ، بمعنى : طعمته.

( من حيث أمركم الله ) أي : إتيانا صادرا من الجهة التي يحل أن يؤتين منها ، ولا تقربوهن من حيث لا يحل ، بأن يكن محرمات أو معتكفات أو صائمات. وقال الفراء : لو أراد الفرج لقال «في حيث» ، فلما قال «من حيث» علمنا أنه أراد : من الجهة التي أمركم الله بها. وعن ابن عباس معناه : من حيث أمركم الله بتجنبه ، وهو محل الحيض ، أعني : القبل. وقيل : من حيث الطهر دون الحيض. وقال محمد بن الحنفية : من قبل النكاح دون الفجور.

مخ ۳۵۴