285

( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ) عطف على «من آمن». والمراد بالعهد جميع العهود والنذور التي بينهم وبين الله ، والعقود التي بينهم وبين الناس ، وكلاهما يلزم الوفاء به.

( والصابرين في البأساء والضراء ) نصب على الاختصاص أو المدح ، ولم يعطف ، بأن قال : والصابرون ، لفضل الصبر في الشدائد على سائر الأعمال. عن الزهري : البأساء في الأموال ، والضراء في الأنفس كالمرض ( وحين البأس ) وقت مجاهدة العدو.

( أولئك الذين صدقوا ) أي : صدقوا الله فيما قبلوا منه ، والتزموه علما ، وتمسكوا به عملا ، في الدين واتباع الحق وطلب البر ( وأولئك هم المتقون ) عن الكفر وسائر الرذائل بوسيلة فعل هذه الفضائل.

وهذه الآية الشريفة جامعة للكمالات الإنسانية بأسرها ، دالة عليها صريحا أو ضمنا ، فإنها بكثرتها وتشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء : صحة الاعتقاد ، وحسن المعاشرة ، وتهذيب النفس. وقد أشير إلى الأول بقوله : «من آمن» إلى قوله :

«والنبيين» وإلى الثاني بقوله : ( وآتى المال ) إلى قوله : ( وفي الرقاب )، وإلى الثالث بقوله : ( وأقام الصلاة ) إلى آخرها ، ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى إيمانه واعتقاده ، وبالتقوى اعتبارا بمعاشرته للخلق ومعاملته مع الحق ، وإليه أشار بقوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان».

واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن المعني بها أمير المؤمنين عليه السلام ، لأنه لا خلاف بين الأمة أنه كان جامعا لهذه الخصال ، فهو مراد بها قطعا ، ولا قطع على كون غيره جامعا لها ، ولهذا قال الزجاج والفراء : إنها مخصوصة بالأنبياء المعصومين ، لأن هذه الأشياء لا يؤديها بكليتها على حق الواجب فيها إلا الأنبياء عليهم السلام .

مخ ۲۹۰