والثانية للبيان. والسماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو ( فأحيا به الأرض بعد موتها ) فعمر به الأرض بعد خرابها بالنبات ، أو بأهل الأرض بإخراج الأقوات ( وبث ) ونشر وفرق ( فيها من كل دابة )، عطف على «أنزل» أي : ما بث فيها من كل حيوان يدب ، أو على «أحيا» فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر. هذا استدلال بنزول المطر ، وتكون النبات به ، وبث الحيوانات في الأرض.
( وتصريف الرياح ) في مهابها : قبولا ، ودبورا ، وشمالا ، وجنوبا. وفي أحوالها : باردة ، وحارة ، ولينة ، وعاصفة. وقرأ حمزة والكسائي على الإفراد ( والسحاب المسخر ) المذلل لله تعالى ( بين السماء والأرض ) لا ينزل ولا ينكشف مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله. وقيل : مسخر الرياح تقلبه في الجو بمشيئة الله يمطر حيث شاء. واشتقاقه من السحب ، لأن بعضه يجر بعضا.
( لآيات لقوم يعقلون ) يتفكرون فيها ، وينظرون إليها بعيون عقولهم ، ويعتبرون بها ، لأنها دلائل على عظيم القدرة وعجيب الحكمة.
وفي المجمع : «قد بين العلماء تفصيل ما تدل عليه ، فقالوا :
أما السماوات والأرض ، فيدل تغير أجزائهما ، واحتمالهما الزيادة والنقصان ، وأنهما من الحوادث لا ينفكان عن حدوثهما. ثم إن حدوثهما وخلقهما يدل على أن لهما خالقا لا يشبههما ولا يشبهانه ، لأنه لا يقدر على خلق الأجسام إلا القديم القادر لنفسه الذي ليس بجسم ولا عرض ، إذ جميع ما هو بصفة الأجسام والأعراض محدث ، ولا بد له من محدث ليس بمحدث ، لاستحالة التسلسل ، ويدل كونهما على جهة الإتقان والإحكام والاتساق والانتظام على كون فاعلهما عالما حكيما.
وأما اختلاف الليل والنهار ، وجريهما على وتيرة واحدة ، وأخذ أحدهما من
مخ ۲۷۵