فوضع العلم موضع التمييز المسبب عنه. وهو الأصح ، لأنه واضح خال عن التعسف.
والعلم إما بمعنى المعرفة ، أو معلق عن العمل ، لما في «من» من معنى الاستفهام ، أو مفعوله الثاني «ممن ينقلب» ، أي : لنعلم من يتبع الرسول متميزا ممن ينقلب.
( وإن كانت لكبيرة ) «إن» هي المخففة من الثقيلة ، و «اللام» هي الفارقة بينها وبين الناصبة. وعند الكوفيين هي النافية ، واللام بمعنى إلا. وهذا مستبعد. والضمير في «كانت» لما دل عليه قوله : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها ) من الجعلة ، أو التولية ، أو الردة ، أو التحويلة ، أو القبلة. والمعنى : وقد كانت هذه الجعلة لثقيلة شاقة ، أو ما كانت إلا ثقيلة على الناس ( إلا على الذين هدى الله ) إلى حكمة الأحكام ، وهم الثابتون على الايمان والاتباع لرسول الله. وفي الكشاف : «يحكى عن الحجاج أنه قال للحسن : ما رأيك في أبي تراب؟ فقرأ قوله : ( إلا على الذين هدى الله ) قال : وعلي منهم ، وهو ابن عم رسول الله ، وختنه على ابنته ، وأقرب الناس إليه ، وأحبهم» (1).
( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) أي : ثباتكم على الإيمان. وقيل : إيمانكم بالقبلة المنسوخة ، بل شكر صنيعكم ، وأعد لكم الثواب الجزيل. وقيل : معناه من صلى إلى بيت المقدس قبل التحويل فصلاته غير ضائعة ، لما روي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وآلهوسلم لما وجه إلى الكعبة قالوا : كيف بمن مات يا رسول الله قبل التحويل من إخواننا؟ فنزلت : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) أي : صلاتكم إلى بيت المقدس.
( إن الله بالناس لرؤف رحيم ) فلا يضيع أجورهم ، ولا يدع صلاحهم. وتقديم الرؤوف مع أنه أبلغ من الرحيم محافظة على الفواصل.
مخ ۲۵۷