واعلم أن «كاد» من أفعال المقاربة ، وضع لدنو الخبر حصولا ، فإذا دخل عليه النفي قيل : معناه الإثبات مطلقا ، وقيل : ماضيا ، والصحيح أنه كسائر الأفعال. ولا ينافي قوله : ( وما كادوا يفعلون ) قوله : ( فذبحوها ) لاختلاف وقتيهما ، إذ المعنى : أنهم ما قاربوا أن يفعلوا حتى انتهت سؤالاتهم ، وانقطعت تعللاتهم ، ففعلوا كالمضطر الملجأ إلى الفعل.
( وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون (72) فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون (73))
ثم بين سبحانه المقصود من الأمر بالذبح ، فبدأ بذكر القتل فقال : ( وإذ قتلتم نفسا ) خطاب الجمع لوجود القتل فيهم ( فادارأتم فيها ) أي : اختصمتم في شأنها ، إذ المتخاصمان يدرأ أي يدفع بعضهم بعضا ، أو تدافعتم ، بأن طرح كل قتلها عن نفسه إلى صاحبه ، من الدرء بمعنى المنع والدفع. وأصله تدارأتم ، فأدغمت التاء في الدال ، واجتلبت لها همزة الوصل ، لتعذر الابتداء بالساكن.
( والله مخرج ) مظهر لا محالة ( ما كنتم تكتمون ) من أمر القتل ، ولا يتركه مكنونا مخفيا. وأعمل «مخرج» لأنه حكاية مستقبل ، كما أعمل ( باسط ذراعيه ) (1) لأنه حكاية حال ماضية.
وهذه جملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه ، وهما : قوله : ادارأتم ، وقوله : ( فقلنا اضربوه ). والضمير إما للنفس ، والتذكير على تأويل الشخص ، أو القتيل ، أي : اضربوا هذا الشخص أو هذا المقتول ( ببعضها ) أي بعض كان. وقيل :
مخ ۱۶۹