ثم فصل سبحانه النعم التي أجملها فيما قبل ، فقال عطفا على «نعمتي» عطف جبرئيل وميكائيل على الملائكة : ( وإذ نجيناكم من آل فرعون ) أصل آل أهل ، لأن تصغيره اهيل ، فأبدل الهاء ألفا لقرب المخرج ، وخص بالإضافة إلى اولي الخطر كالأنبياء والملوك ، فلا يقال : آل الإسكاف والحجام.
و «فرعون» لقب ملك العمالقة ، ككسرى وقيصر لملكي الفرس والروم. وكانت العمالقة أولاد عمليق بن أدد بن ارم بن سام بن نوح. ولم يكن في الفراعنة أحد أشد غلظة وأقسى قلبا من فرعون موسى ، ولعتوهم اشتق منه : تفرعن ، إذا عتا وتجبر. وكان فرعون موسى مصعب بن ريان ، وقيل : هو ابنه الوليد من بقايا عاد ، وفرعون يوسف عليه السلام ريان ، وكان بينهما أكثر من أربعمائة سنة.
والمعنى : وإذ خلصناكم من قوم فرعون وأهل دينه ( يسومونكم ) يبغونكم ، من : سامه خسفا إذا أولاه ظلما. وأصل السوم الذهاب في طلب الشيء ، يقال : سام السلعة إذا طلبها ، ثم يعدى بمفعولين ( سوء العذاب ) أفظعه ، فإنه أقبح بالإضافة إلى سائره. والسوء مصدر : ساء يسوء. ونصبه على أنه مفعول ل ( يسومونكم ) والجملة حال من الضمير المنصوب في ( نجيناكم ) أو من آل فرعون ، أو منهما جميعا ، لأن فيها ضمير كل واحد منهما.
وقوله : ( يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) بيان ل «يسومونكم» ولذلك لم يعطف ، أي : يستبقونهن ويدعونهن أحياء ليستعبدون وينكحن على وجه الاسترقاق ، وهذا أشد من الذبح. وإنما فعلوا بهم ذلك لأن الكهنة أنذروا فرعون بأنه يولد مولود ويكون على يده هلاكك ، كما أنذر نمرود ، فلم يغن عنهما بحفظهما ، وكان ما شاء الله أن يكون.
وروي أن فرعون رأى في المنام كأن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر ، فأحرقتها وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل ، فهاله
مخ ۱۴۵