العامة تقريرا لها فإنها من حيث إنها حوادث محكمة تدل على محدث حكيم له الخلق والأمر وحده لا شريك له ، ومن حيث إن الإخبار بها على ما هو مثبت في الكتب السابقة ممن لم يتعلمها ولم يمارس شيئا منها إخبار بالغيب معجز يدل على نبوة المخبر عنها ، ومن حيث اشتمالها على خلق الإنسان وأصوله وما هو أعظم من ذلك تدل على أنه قادر على الإعادة كما كان قادرا على الإبداء خاطب أهل العلم والكتاب منهم ، وأمرهم بأن يذكروا نعم الله عليهم ، ويوفوا بعهده في اتباع الحق واقتضاء الحجج ، ليكونوا أول من آمن بمحمد صلى الله عليه وآلهوسلم وما انزل عليه ، فقال :
( يا بني إسرائيل ) أي : يا أولاد يعقوب. والابن : من البناء ، لأنه مبني على أبيه ، ولذلك ينسب المصنوع إلى صانعه ، فيقال : أبو الحرب وبنت الفكر. و «إسرائيل» لقب يعقوب ، ومعناه بالعبرية : صفوة الله ، وقيل : عبد الله.
( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) أي : استحضروها في أنفسكم بالتفكر فيها والقيام بشكرها. وتوحيد النعمة باعتبار الجنس. وتقييدها بهم ، لأن الإنسان غيور حسود بالطبع ، فإذا نظر إلى ما أنعم الله على غيره حمله الغيرة والحسد على الكفران والسخط ، وإن نظر إلى ما أنعم الله عليه حمله حب النعمة على الرضا والشكر.
وقيل : أراد بها ما أنعم الله به على آبائهم من الإنجاء من فرعون والغرق ، ومن العفو عن اتخاذ العجل ، فإن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء ، لتشرفهم بفضيلة الآباء ، وعليهم من إدراك زمن محمد صلى الله عليه وآلهوسلم المبشر به في التوراة والإنجيل.
( وأوفوا بعهدي ) بالإيمان والطاعة. وسمي ذلك عهدا لأن الله أخذ عليهم العهد بذلك في يوم الميثاق في الكتاب ، أو لتأكيده بمنزلة العهد. ( أوف بعهدكم ) بحسن الإثابة.
و «العهد» يضاف إلى المعاهد والمعاهد. والأولى أن يكون الأول مضافا إلى
مخ ۱۳۴