سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) (1) امتحانا لهم ، وإظهارا لفضله.
والعاطف عطف الظرف على الظرف السابق إن نصبته بمضمر نحو : اذكر ، وإلا عطفه بما يقدر عاملا فيه على الجملة المتقدمة ، بل القصة بأسرها على القصة الاخرى.
وهي نعمة رابعة عدها عليهم. والكلام في أن المأمورين بالسجود الملائكة كلهم أو طائفة منهم ما سبق. والسجود في الأصل تذلل مع تطامن ، وفي الشرع وضع الجبهة على قصد العبادة.
والمأمور به هنا إما المعنى الشرعي على قول أكثر العامة ، فالمسجود له بالحقيقة هو الله تعالى ، وجعل آدم قبلة لسجودهم تفخيما لشأنه ، أو سببا لوجوبه ، فكأنه تعالى لما خلقه بحيث يكون نموذجا للمبدعات كلها بل الموجودات بأسرها ، ونسخة لما في العالم الروحاني والجسماني ، ووصلة إلى ظهور ما تباينوا فيه من المراتب والدرجات ، أمرهم بالسجود تذللا لما رأوا فيه من عظيم قدرته وباهر آياته ، وشكرا لما أنعم عليهم بواسطته. فاللام فيه كاللام في قول حسان في مدح أمير المؤمنين عليه السلام :
أليس أول من صلى لقبلتكم
وأعرف الناس بالقرآن والسنن
وفي قوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) (2).
وإما المعنى اللغوي ، وهو التواضع لآدم تحية وتعظيما له ، كسجود إخوة يوسف له. والمروي عن أئمتنا عليهم السلام أنه على وجه التكرمة لآدم والتعظيم لشأنه وتقديمه عليهم. وهو قول قتادة أيضا وجمع من العلماء ، واختاره علي بن عيسى.
مخ ۱۲۱