الحياة عند تقضي آجالكم ( ثم يحييكم ) بالنشور يوم نفخ الصور ، أو للسؤال في القبر ( ثم إليه ترجعون ) بعد الحشر فيجازيكم بأعمالكم.
وقرأ يعقوب : «ترجعون» في جميع القرآن بصيغة المجهول (1)، أي : تنشرون إليه من قبوركم للحساب ، فما أعجب كفركم مع علمكم بحالكم هذه.
وسمي الحشر رجوعا إلى الله لأنه رجوع إلى حيث لا يكون أحد يتولى الحكم فيه غير الله ، كما تقول : رجع أمر القوم إلى الأمير ، ولا يراد به الرجوع من مكان إلى مكان ، وإنما يراد به أن النظر صار له خاصة دون غيره.
واعلم أن الواو في قوله : ( وكنتم أمواتا ) للحال كما فسرناه. وترك لفظة «قد» فيه ، مع أنه لا يقال : جئت وقام الأمير ، بل : وقد قام ، لأن الواو لم تدخل على ( كنتم أمواتا ) وحده ، بل على جملة قوله : ( كنتم أمواتا ) إلى قوله :
( ترجعون ). والمعنى : كيف تكفرون بالله وقصتكم أنكم كنتم أمواتا نطفا في أصلاب آبائكم ، فجعلكم أحياء ، ثم يميتكم بعد هذه الحياة ، ثم يحييكم بعد الموت ، ثم يحاسبكم.
ولما كان الحاضر الذي وقع حالا هو العلم بالقصة كأنه قيل : كيف تكفرون وأنتم عالمون بهذه القصة بأولها وآخرها. فلا يرد عليه : أن بعض القصة ماض وبعضه مستقبل ، والماضي والمستقبل كلاهما لا يصح أن يقع حالا حتى يكون فعلا حاضرا وقت وجود ما هو حال عنه.
ولما كان معنى الاستفهام في «كيف» الإنكار ، وإنكار الحال متضمنا لإنكار الذات على سبيل الكناية ، كأنه قيل : ما أعجب كفركم مع علمكم بحالكم هذه! كما
مخ ۱۰۷