عنوة ودخلوها غدوة في العشرين من المحرم من هذه السنة فبذلوا في أهلها المناصل وأوردوهم من حياض الموت أمر المناهل وأكثروا الأيام واليتامى والأرامل ولم يرحموا شيخا كبيرا ولا طفلا صغيرا وأخذ المستعصم بالله أسيرا وأحضر الى هولاكو فأمر بأن يجعل في عدل ويداس بالأرجل حتى يموت ففعل به ذلك فانتقل إلى دار النعيم وفاز بالشهادة والخلد المقيم وهذه عادة التتار أن لا يسفكوا دماء الملوك والأكابر ثم سبوا كل من حواه قصره من نسائه وبناته وانتهكوا ذلك الحرم وأحرقوا حرمة الآدر والحرم واحتووا على الجواري والخدم واستولى العدو على ذخائر الخلافة وخزائنها وأموالها وجواهرها ونهب مدينة بغداد وما حوته من الأموال العظيمة والجواهر اليتيمة والأمتعة الجليلة ما يتجاوز الاحصاء ويتعدى الاستقصاء فان مدينة بغداد دار السلام وحرم الاسلام ومحل أمير المؤمنين ومحط رحال المسلمين وواسطة الأمصار ومظنة التجار وبها جمهرة الاسلام وذوو العلوم والاعلام وأرباب الصناعات وأولو التجارات وقد جمعت من الطوائف والجموع وامتلأت بهم المحال والربوع فأخذتهم القواضب وافترستهم أنياب النوائب فكانت هذه الواقعة من أمير الوقائع وهذه الفاجعة من أشد الفجائع ولله الأمر من قبل ومن بعد وله على كل حالة مزيد الحمد.
المدعو المبارك أخذه هولاكو معه وكان من قتل ببغداد من العساكر والرعايا والخواص والعوام ينيف على ألفي ألف وثلاثمائة ألف وثلاثين ألف نفس وكانت خلافة: المستعصم بالله ست عشرة سنة وشهورا وانقضت الخلافة ببغداد وزالت الامامة من تلك
وأصبحت بغداد أطلالا داثرة كما قيل:
مخ ۳۸