زير سالم: ابو لېلا مهلهل
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
ژانرونه
خلاصة القول: إننا بإزاء سيرة ملحمية عربية خالية - إلى أقصى حد - من ذلك العالم الخرافي للجن وعوالمهم.
وإذا ما عرفنا أن هناك مدرسة أثنوجرافية بكاملها - تعرف بالمدرسة الشرقية - ترى في خرافات وخوارق الجان والعفاريت أنها إنتاج آري كامل، من أعلامها العالم العتيد «تيودور بنفي»، يصل بنا القول إلى أن هذه السيرة - الزير سالم - نجت - إلى حد كبير - من تأثيرات هذه السمة الآرية للهند وفارس، ودورهما المتزاوج الكبير والمؤثر في تراثنا العربي السامي منذ أقدم العصور - الألف الرابع قبل الميلاد - حتى العصور الإسلامية الوسيطة والمتأخرة، التي تلعب فيها المؤثرات الآرية الفارسية الإيرانية الأعجمية بالقدر الذي شكلت بمقتضاه مشاركة - وقل: مناصفة - مباشرة للملمح التراثي الإسلامي وجانبه التطهري والإنيزمي الروحي، بالإضافة طبعا للدور السياسي، بدءا من الدولة ونظم الحكم حتى ما نشهده على أيامنا من انتصارات الثورة الإيرانية، وما أحدثته من مؤثرات وهزات جذرية على طول عالمنا العربي والإسلامي في أيامنا هذه.
أقول: إن سيرتنا هذه نجت - إلى حد ملحوظ - من المؤثرات الآرية، وكذا عالم الآلهة الهلينية اليونانية للآلهة التي تخالط البشر وتزورهم وتعدهم بالنصر، وتعود فتخلف وعدها، وتستخدم في خداعها كل موتيفات خرافية؛ مثل: «طاقية الإخفاء» التي دأبت أثينا كإلهة حرب - للإغريق - قبلية تناصرهم ضد أعدائهم الطرواديين «حين لبست خوذة آذس التي تخفي من يلبسها عن الأنظار.»
فالزير سالم تبدو - إلى حد معقول - سيرة خالية من الخرافة، وكذا عالم القوى الخارقة والعلوية والأرباب والآلهة الطائرة، والتي تزني وتتحول إلى نساء؛ لكي تجرب الشذوذ الجنسي، وحين تدلي برأيها عن لذة اللذة تفضل اللذة الجنسية وهي في حالة وضع الأنثى عن ما كانته في وضع الرجل الذكر، كما في حالة الإله الهندي أندرا، والكاهن الهليني المتنبئ - الموغل في رجعيته - تريزياس، الذي كان يحلو له كثيرا أن يتحول لامرأة أنثى، وحين كانت الإلهة «هيرا» تحقد عليه وتعاقبه فإنها كانت تعيده إلى حالته الأولى، أي إلى رجل مرة ثانية.
ونحن هنا بإزاء سيرة ملحمية عربية لم تخالطها المؤثرات الآرية الهندية الفارسية، ثم الهلينية فيما بعد.
نحن بإزاء سيرة سامية أكثر منها آرية، إن خالطتها سمات وخصائص فهي عربية سامية، وليست بآرية.
من هذه السمات: ذلك الصراع الأرضي البشري الذي قوامه هنا الحروب القبائلية والطوطمية التي موضعها الجذري الصراع الاجتماعي، وهو «الماء والكلاء»، وما يفرضه من أمن الدفاع عن الحما الذي هو صنو الوطن، وما يستتبعه من [انصهارات] قومية، أخذا بمقولة أن العنف مدخل يتطلب المزيد من التوحد.
فالحروب والإغارات والأخذ بالثأر جميعا تجيء كنتيجة - وليست كمقدمة - للصراع الاجتماعي ولصراع الطعام، وهو الماء والكلأ عصب حياة البوادي العربية والدافع الأول لحركتها وتطاحنها القتالي، وحروبها وهجراتها بحثا عن الزرع والضرع، ومن هنا تجيء هذه التغريبة اليمنية الحميرية القحطانية إلى الشام وما بين النهرين والحجاز وفلسطين.
وكذا تغريبة الملك سيف من نفس الموطن - الجنوب العربي - إلى إفريقيا الوسطى - أثيوبيا - والسودان ومصر، بحثا عن كتاب النيل ومنابع الماء والكلأ.
يضاف إليهما تغريبة التحالف القبلي القمري الهلالي لعرب الجزيرة الهلالية وحروبهم وهجراتهم إلى دلتا النيل وتونس الخضراء، حين حدث جوع في الأرض؛ أرض نجد والحجاز.
ناپیژندل شوی مخ