زير سالم: ابو لېلا مهلهل
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
ژانرونه
ثم لماذا نذهب بعيدا والمصدر الأكثر قدما من أيسوب ذاته وهو - الشخصية الخرافية العربية السامية - الحكيم لقمان الذي أوضحت المكتشفات الحفائرية الأركولوجية أصله البابلي، وعلى هذا فهو أسبق خمسة عشر قرنا من أيسوب الذي يرى البعض خطأ أنه هو بذاته النبي أيوب نبي الأدوميين السوريين والأردنيين. •••
أخيرا يمكن القول: أنه برغم أن مختلف المجتمعات قد عاشت وواصلت استمرارها ونموها في ظل مختلف البيئات التاريخية، ومرت بمختلف التحولات إلا أنها لم تتخل كلية عن خصائصها الأولى - ولنقل: طواطمها وتابواتها - التي تعرضنا لها بالدراسة، وكما أجمع علماء العصر الفيكتوري - منذ ماكلينان وروبرت سميث وفريزر - أنها - أي الطواطمية - ما تزال تحيا وترتع كرموز بدائية تحت مختلف الأشكال المتكاثرة لحياتنا الحديثة، فأنت تجدها في إعلان وشارات الدول الحديثة يستشهد في سبيلها، كما تجدها تطل برأسها في شارات المحافظات والمطبوعات والأضرحة والملابس والماركات والمطبخ الحديث ... إلخ.
فالمناهج البنائية قد حققت بدراستها الطوطمية نتائج رياضية ملفتة، وبالتحديد ما توصل إليه العالم البنائي الفرنسي كلود ليفي شتراوس، الذي انصبت دراسته على علاقة الطوطمية بالظواهر أو علم الظواهر، ففي رأيه أن الطوطمية - كظاهرة حضارية - تجيء كاستجابة أو حتمية لظروف ومكونات طبيعية وبيئية، وأن هناك علاقة شعائرية أو دينية بين الإنسان وطوطمه، وكثيرا ما تتمثل في الأشياء والمناهج المقدسة، ولها سلطاتها الملزمة، وأن نظم الزواج في المجتمع الطوطمي لا تخضع لإرادة الأفراد بقدر خضوعها للقرابة الطوطمية، كما اتضح في سيرتنا هذه - الزير سالم - وانتساباتها وولاءاتها القبلية، بل وحروبها الضارية.
فحتى وقت قريب عام 1920م رصد فان جنيب 41 نمطا مختلفا للطوطمية في أستراليا وحدها، وأثبت أن الكثير منها ما يزال ساريا، برغم أن جذورها الضاربة ترجع إلى الألف الثامن قبل الميلاد. فالطواطم ما هي إلا أرواح تحيا في الخفاء محافظة على توارث أسماء القبائل الأمومية والأبوية، كما أثبت «جنيب» أن الطوطمية ما تزال تتحكم متسلطة على نظم الزواج والطلاق والميراث والقرابة عند عديد من شعوب العالم خارج الغرب.
وفي طرح التساؤل عن علاقة الطوطمية بالحيوانية والنباتية، يشير شتراوس بأن الحيوان والنبات يمدان الإنسان بطعامه، والاحتياج للطعام يستلزم المكان أو الوطن في المفهوم البدائي.
فشتراوس يسألنا منذ راد كليف براون، ويقدم تفسيراته المخالفة لتثقيفية فريرز وأنيمزم تيلور، والبحث عن الأصول عند ماكلينان وروبرت سميث، وأخيرا توظيفية مالينوفسكي، فجميع هؤلاء قدموا تفسيراتهم عن البدائيين، لكن شتراوس ربط الطوطمية بالتخلف حتى داخل مجتمعات ما فوق التصنيع.
صراع الماء والكلأ في هذه السيرة
وأبرز ما يلفت نظر أي باحث إثنوجرافي لهذه الملحمة السيرة - الزير سالم - هو خلوها - إلى أقصى حد ممكن وبالقياس إلى بقية تراثنا السيري والملحمي العربي بعامة - من الإغراق المباشر في بحار الخرافة ومستنقعاتها الآسنة المصاحبة للعقل الغيبي، كما هو الحال في بقية سيرنا وملاحمنا، بدءا من سير وملاحم التباعنة، ومنهم التبع الطاغية حسان اليماني المغتصب للحما - الذي هو الوطن - باجتياح جيوشه الغازية من أقصى الجنوب اليمني - عدن وحضرموت وسبأ - للشام والحجاز وفلسطين، واغتصابه للزوجة الفلسطينية جليلة أو دليلة، بالإضافة للحما أو الوطن.
ثم سيرة آخر الملوك اليمنيين الملك سيف بن ذي يزن الحميري، والتي تلعب فيها المردة والجن والسحرة والهواتف والنداهات والحيوانات الخارقة أدوارا جوهرية في صلب مسارها.
وفي سيرة الهلالية واستطرادها القصصي الجانبي للخوارق ونماذج التحولات والسحر والسخط المصاحب لأبطالها على طول أقطار العالم العربي.
ناپیژندل شوی مخ