أخي حامد:
إنك لا تعلم مبلغ السرور والفرح الذي جاءني به جوابك. وأود لو أراك ونكون وحدنا..
ولكنها رأت ذلك غير كاف للتعبير عن السرور الذي خالجها. هل كلمة بسيطة كهذه تقوم بأداء صورة نفسها زمنا غير قليل. صورتها مملوءة حبورا وطربا وكل وجودها فرح سعيد. وأخيرا كتبت:
أخي حامد
لا أقدر أن أصف لك مبلغ السرور والفرح الذي جاءني به كتابك. تصور أكبر درجاتهما، فكنت أكثر من ذلك سرورا وفرحا. وأود أن أراك ونكون وحدنا. وأنت تعلم ما في ذلك من الصعوبة إذ أنا محاطة دائما بالستات. وإنها كلماتك انتزعتني سويعة من بينهن، ورجعت إلى نفسي فكنت في مجلسي معهن تائهة عنهن بعيدة أفكر في كلماتك المحبوبة. وانتزعتني بذلك من الألم الدائم الذي يثقلني.
هل تظن يا أخي حامد أنا معشر البنات سعيدات في ذلك السجن العتيق؟ إنكم تحسبوننا دائما راضيات، ولكن الله يعلم علقم ذلك الوجود المر الذي نحتمله مرغمين ثم نعود عليه قليلا قليلا كما يعود المريض مرضه وفراشه.
أي فتاة لا تذكر اليوم الأخير من أيام حريتها من غير حسرة إلا جامدة القلب. ألا إنه اليوم العزيز عندي، ما ذكرته إلا وأسفت له. وتلك الساعة الأخيرة من حياتي الحرة الشريفة وأنا أودع أبناء عمي هنا في القرية لأرجع إلى المدينة وأجد قماش حبرتي جاهزا ينتظرني في البيت! ذلك الثوب الأسود ثوب الحزن والأسى.
ولكني أحمد القدر أن بقي لي في الوجود قلب يحس معي ويحبني. وإنا نحن الضعيفات كما يسموننا في حاجة لما نقوى به. ولنا من ذلك الأمل في الله وفي حب المحبين.
اعذرني إن أطلعتك من خبايا نفسي على ما أنت في غنى عنه. وإنما جرأني على ذلك أخوة ما بيننا وحبي لك وإخلاصك لي.
عزيزة
ناپیژندل شوی مخ