قال فنحاس للأم: «لو أحرقنا إصبع رجل مروان الصغرى، ستخرج الروح الشريرة منه. دعينا نحرقه قليلا.» بكت غصون وقالت: «لا تحرق حتى شعرة واحدة من ابني، حتى ولو كان جثة هامدة.»
وضع فنحاس يديه على رقبة مروان، وضغط عليها، يهتف: «ستخرج أيها الشيطان وإلا سوف أخنقك وتموت معه.» سمعت غصون صوتا أجش مخيفا يقول: «لن أخرج» ضغط فنحاس أكثر وكاد يقتل مروان، وما زال الصوت يردد: «لن أخرج!» أخيرا قال: إذا خرجت فسوف أدخل فيك أنت. - لن تستطيع. - سأدخل جسد أمه.
قالت الأم: اخرج يا لعين يا ابن اللعين. المهم تخرج من جسد ابني.
سحب فنحاس المسجلة سرا التي وضعها في الجانب الأيسر من مروان، وقال للأم بأن عليها أن تذبح تيسا أسود، وتمسح بدمه جسد مروان. اتصلت حميدة بمنير بأن يشتري تسيا لوجبة الغداء، فاشتراه على نفقته الخاصة، وفكر في إخبارهم في أمر الزواج.
خرج فنحاس من البيت بعد أن تناول غداء دسما. حدث منير الأسرة بأنه جهز نفسه للزواج، وحجز صالة للعرس بنصف الثمن .. خرج وهو سعيد بموافقة الأسرة على رغبته، حتى الجدة وافقت وهي تقول: يمكن أن يشفى ابني حين تدخل السعادة بيته.
7
ذات يوم استيقظ مروان من نومه في عالمه الفردوسي متأخرا كالعادة، وجلس على الكنبة، أغمض عينيه، ومرت في مخيلته تلك الفتاة الجميلة التي حضرت يوم أن قام بالأذان للصلاة في المنزل، وتمنى لو يلقاها مرة أخرى. فتح عينيه بعد بضع دقائق ورآها أمامه. اندهش أيما اندهاش، وأخذ يرحب بها ثم راحا يمارسان اللقاء الروحي معا لمدة ساعة. ذهبت الفتاة دون أن تخبره عن سبب حضورها. أما مروان فاعتبرها صدفة؛ فغير معقول أن تتحقق أمنيته قبل أن يرتد إليه طرفه. اغتسل مروان ثم خرج من الحمام، ووجد بروسي يشاهد الدليل السياحي وهو يمشي في الصالة. وقف متعجبا من آلة صنعها الإنسان تحاول تثقيف نفسها! سأله: ماذا تشاهد يا صديقي؟! - الديانة الطاوية. - ولماذا، هل تريد أن تتدين يا صديقي؟! - أثقف نفسي مثلكم يا بشر.
مشى مروان في الصالة، واخترق الدليل السياحي وهو يتحدث، فأحس كأنه اخترق كتلة ماء، حتى إنه شعر بصعوبة في التنفس. عاد يجلس بجوار بروسي وهو في دهشة من أمره، كيف يصير الطيف كثيفا لهذه الدرجة؟! ثم راحا معا يشاهدان متحف التراث الروحي لمقاطعة «بكين»، وهي الطاوية: كانت الطاوية ثاني أكبر ديانة في مقاطعة بكين، تعود نشأتها إلى القرن «26ق.ج.» أي السادس 507ق.م. تبلورت على يد الفيلسوف «لاو تسو». أتباعها كانوا يرون أنه إله نزل من السماء «أفتار»، كما كان الهندوس يرون ذلك. أحد أتباع طاوي اسمه (شانغ طاوي لنغ)، قال إنه جاءه وحي من السماء بشأن إصلاح الدين الطاوي، وصارت سلالته هم المعلمين السماويين للديانة. استمرت سلطتهم مدة ستمائة سنة في مقاطعة بكين المعروفة ببلاد الصين سابقا، كانت لهم سلطة على الحياة السياسة. كتابهم المقدس يشمل قصصا عن بشر يستطيعون الطيران، لا يتأثرون بالعناصر الطبيعية البرودة والحرارة، وانعدام الهواء.
تساءل مروان: «هل يقصدون الملائكة؟ .. ولديهم خلفاء أيضا. ثم كيف تدعي سلالته الحق السماوي في الحكم؟!» قام غاضبا وذهب إلى غرفة النوم، وعاد بعد ربع ساعة إلى بروسي، وهو لا يزال يسمع الدليل، ثم سأله عن الخروج للتنزه.
خرج مروان وبروسي للتنزه معا، مشيا بين أشكال مختلفة من البشر والآليين. أبدى استغرابه لكثرة كبار السن، سأل بروسي عنهم، فأخبره أن هؤلاء بشر أغلبهم متقاعدون بعد بلوغهم سن التقاعد 200 عام من العمر. كانت البسمة مرسومة على شفاه معظمهم، وهم يمشون في شارع «عبد الحكيم سماح الجوفي» عالم فيزيائي. أخبره بروسي أن أسماء الشوارع لا تسمى بأسماء الأحياء. شاهد مروان معارض أزياء تخلو من أزياء الزهو، ومساحيق الجمال والزينة.
ناپیژندل شوی مخ