وكان اسم حلب باليونانية باروّا وقيل: بيرؤاا. وذكر أرسطاطاليس في كتاب الكيان أنه لمّا خرج الاسكندر لقصد دارا الملك ومقاتلته كان أرسطاطاليس في صحبته، فوصل إلى حلب وهي تعرف بلسان اليونان بيرؤاا فلما تحقّق أرسطاطاليس حال تربتها، وصحّة هوائها، استأذن الإسكندر في المقام بها، وقال له: إنّ بي مرضًا باطنًا، وهواء هذه البلدة موافقٌ لشفائي. فأقام بها فزال مرضه.
بناء مدينة حلب
وقيل: إنّ الذي بنى مدنية حلب أولاد ملكٌ من ملوك الموصل يقال له: بولكوس الموصلّي، ويسميه اليونانيون سرد ينبلوس. وكان أول ملكه في سنة ٣٩٨٩ سنة لآدم ﵇، وملك ٤٥ سنةً.
وفي سنة تسع وعشرين من ملكه وهي سنة ٤٠١٨ سنة لآدم ﵇ ملكت ابنته أطوسا المسماة سميرم مع أبيها.
وذكر أبو الريحان البيروني في كتاب القانون المسعوديّ قال: بنيت حلب في أيام بلقورس من ملوك نينوى، وكان ملكه لمضيّ ثلاثة آلاف وتسع مئةٍ واثنتين وستني سنةً لآدم ﵇، ومدة مقامه في الملك ثلاثون سنةً.
وشاهدت على ظهر كتاب عتيقٍ من كتب الحلبيين بخطّ بعضهم: رأيت في القنطرة التي على باب أنطاكية من مدينة حلب في سنة ٤٢٠ لهجرة كتابةً باليونانية فسألت عنها: فحكى لي أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الحسينيّ الحّرانّي أيّده الله، أنّ أبا أسامة الخطيب بحلب حكى له أنّ أباه حدّثه أنه أحضر مع أبي الصّقر القبيصيّ ومعهما رجلٌ يقرأ باليونانيّ، فنسخوا هذه الكتابة، وأنفذ إليّ نسختها في رقعةٍ وهي: بنيت هذه المدينة؛ بناها صاحب الموصل، والطالع العقرب والمشتري فيه وعطارد يليه، ولله الحمد كثيرًا.
وهذا يدلّ على ما ذكرناه؛ وهو أنّ بلوكوس الموصليّ هو الذي عمّرها، وكان قبل الإسكندر. وذكر يحيى بن جريرٍ التّكريتيّ في كتاب له ضمّنه أوقات بناء المدن؛ ما يدلّ على أن حلب بعد بناء بلوكوس خربت، وجدّد عمارتها غيره بعد موت الإسكندر، فإنه قال بعد ذكر دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنةً: بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وفامية وباروّا وهي حلب، وأذاسا وهي الرّها، وكمّل بناء أنطاكية وزخرفها، وسمّاها على اسم ولده انطيوخوس وهي أنطاكية، وكان شرع في بنائها قبله أنطيغين في السنة السادسة من موت الإسكندر. وذكر أنّه بناها على نهر أورنطس، وسمّاها أنطيوخيا.
ملوك حلب
وقال: كان الملك أول على سوريا وبابل سلوقوس نيقطور وهو سريانيّ. وملك في السنة الثالثة عشرة بطليموس بن لاغوس بعد موت الإسكندر وألزم اليهود أن يقيموا في المدن التي بناها، وقرّر عليهم الجزية.
وسوريا هي الشام الأولى، وهي حلب وما حولها من البلاد على ما ذكره بعض الرواة وفي طرف بلد حلب بناحية الأحصّ مدينةٌ عظيمةٌ داثرةٌ، وبها آثارٌ قديمةٌ يقال لها سورية، وإليها ينتسب القلم السوريانيّ. فلعل الناحية كلّها ينسب إليها ويطلق عليها اسمها، كما أطلق بعد ذلك على جميع الكورة اسم قنّسرين.
وقال، يعني المؤرخين من المسيحية: الذي ملك بعد الإسكندر بطليموس الأريب، وهو بنى حلب وسمّاها أشمونيث، وذلك أنّه اختار بناء المدينة في موضع، وأراد أن يكون بها الماء، فخرج ودار حولها حتى رأى الأعين التي بحيلان، فأمر المهندس أن يبني عليهنّ بناءً ويحكمه، وأن يجريهنّ إلى المكان الذي هو موسومٌ بمنزلة الملك. وجمع الناس للعمل وعمارة المدينة فاحتفر في وسط المدينة حفيرةً، بثقها إلى النهر الذي أجراه، وأمر بالقساطل أن تعمل، فاختلعت فاتخذت من الحجارة فتمّ ما أراد، وبنى له بناءً في موضع الريحانيين يومنا هذا. واتّخذ عليه قصرًا وبنى المدينة، وآخر ما بناه باب أنطاكية ورتّب فيها ابنته أشمونيث، وسمّى المدينة باسمها وأضاف لها جندًا وزوّجها بإيلياوس أحد اليونان؛ فإنّ رسمها قديمٌ، فتمّم بناءها وأضافها إلى أيلياوس زوج أشمونيث.
وملك بعده ابنه بطليموس، ولقب باليونانية محب أخته وكانت أخته نائبة عنه، فبقي في الملك ستًا وعشرين سنةً.
ملك بعده ابنه بطليموس الأورجاتس ولقب باليونانية: محبّ أبيه، وأشمونيث وزوجها وولدها يتولّون حلب.
1 / 2