أما الاستفادة من الإقبال على القراءة في زمن الحرب خير فائدة مستطاعة، فذلك موقوف على معنى الفائدة التي نرمي إليها.
فإن كانت فائدة الربح، فسبيلها أن تعطي «جمهور القراء» ما يشتهيه من الموضوعات التي يحسبها جديرة بالقراءة، قمينة بالفائدة.
وإن كانت فائدة الثقافة، فسبيلها أن تعطي جمهور القراء ما هو في الواقع محتاج إلى علمه، وإن لم يخطر له ذلك.
ومما لا شك فيه أن جمهور القراء يحتاج إلى كثير، وإن كثيرا مما يقرؤه لا حاجة به ولا غناء فيه، وإن الوقت قد حان لتزويده بما يحتاج إلى عرفانه من أحوال العالم اليوم، وأحوال العالم بعد نهاية الحرب، إلى زمن طويل.
فبين الموضوعات التي كانت مهملة أكبر إهمال يعاب على أبناء الحضارة في العصر الحاضر، موضوع المشاكل الاجتماعية والسياسية في قارة أوروبا، وفي البلاد الغربية على الإجمال.
فقل جدا في مصر وبلاد الشرق القريب من كان يتابع هذا الموضوع، ويعرف ما ينبغي عرفانه من أطوار الفكر وصراع الدخائل الاجتماعية في كل أمة من الأمم، وارتباط ذلك جميعه بمقاصد الحكومات، ومقاصد الزعماء الذين يقبضون على أعنة تلك الحكومات، أو على أعنة الهيئات السياسية.
فكم من المصريين المثقفين - ولا نقول: الجهلاء - كان يعرف ما ينبغي أن يعرف عن مسألة «التقسيم الجديد» في الولايات المتحدة؟
وكم منهم كان يعلم حقيقة العناصر التي أيدت هتلر في ميدان السياسة الألمانية؟ أو حقيقة العناصر التي أيدت فرانكو في ميدان السياسة الإسبانية؟ أو حقيقة الخلاف بين ستالين وتروتسكي، وما يتصل به من خطط روسيا وعلاقاتها بالشرقين الأقصى والأدنى؟
كم منهم كان يعلم ما وراء البضائع اليابانية المنشورة في أسواقنا من حبائل الاستعمار ومطامع الاستغلال؟
كم منهم كان يعرف زعماء الأمم على ما فطروا عليه، فيعرف ما يصنعونه وما يريدونه، وما ليس خليقا أن يصنعوه أو يريدوه؟
ناپیژندل شوی مخ