لم لا نذكر المجد أو البر أو الجهاد الإنساني أو الوطنية، أو غير ذلك من معارض الشعور ومعارض الشوق إلى التعبير؟
فالتعبير عن النفس عندنا كلمة مقابلة للشعور بالنفس، ومتى شعرت النفس بحقيقتها فالعواطف الكبرى جميعا حاضرة بغير استثناء، مذكورة بغير تسمية، معممة بغير تخصيص.
الفصل السابع
العامية والفقر
«قام في إحدى الحفلات خلاف بين الدكتورة نعيمة الأيوبي والأستاذ كامل كيلاني: كان من رأي الدكتورة أن نتكلم باللغة التي نستعملها في كل المناقشات، حتى في المرافعات أمام القضاء وهي العامية، والأستاذ كامل كيلاني لا يسمح بالموافقة على نصرة العامية على اللغة العربية الفصحى.
ويقول: من لم يستطع التعبير عن أفكاره بالعربية الفصحى، فما هو بمستطيع أن يعبر عنها بالعامية.
فسألني أحد الأدباء: ما رأيكم في هذا الخلاف؟ وهل يمكن نصرة اللغة الفصحى في بلد سواده الأعظم من الأميين؟ وإذا خاطبت إنسانا فقيرا باللغة الفصحى لتسدي إليه النصح والإصلاح هل يفهمك، أو يظن أنك تسخر به فيحز ذلك في نفسه وينصرف عنك متألما؟» •••
تلك رواية الأديب، وهي لا تستلزم في الجواب عليها أن أتعرض لتفصيلات رأيين لم أقف منهما على غير هذه الإشارات، التي لا تشمل كل ما يقوله صاحب الرأي في شرحه والدفاع عنه. فحسبنا أن نحصر الكلام هنا في العلاقة بين الفقر والعامية، وهل من دواعي العطف على الفقير، أو من دواعي النظر في مشكلة الفقر أن ننصر العامية على الفصحى؟ وأن نعبر عن آرائنا باللغة التي يتكلمها الفقراء؟
فالعامية قبل كل شيء هي لغة الجهل، وليست بلغة الفاقة أو بلغة اليسار.
وبين الأغنياء كثيرون لا يحسنون الكلام بغير العامية التي لا جمال لها ولا طلاوة.
ناپیژندل شوی مخ