208

وندع هذه الأضاحيك ونعود إلى موضوع «المؤلفين والمقترحين»، الذي كتبنا عنه في الرسالة مقالنا الأخير.

فقد وردتني في هذا الموضوع رسائل شتى من مؤيدين ومناقشين، وخير ما وردني من رسائل التأييد رسالتان إحداهما يقول صاحبها «أ. زين العابدين»: إن كل نسخة من كتاب يقتنيها قارئ مثقف هي رد مطول على أصحاب المقترحات على قلتهم، وإن كانوا من ذوي الثقافة والاطلاع.

والأخرى يقول صاحبها «محمد عبد الهادي»: إن رضا المؤلف عما كتب قراؤه هو العزاء الذي يرجح بكل جزاء، ويغنيه حتى عن الإعجاب والثناء .

وراقني فحوى هذه الرسالة على التخصيص؛ لأنني تلقيتها من محض المصادفة في بريد واحد مع مجلة «ورلد ديجست» الإنجليزية، وفي صدرها خطاب معاد لمستر تشرشل يتكلم فيه عن «غبطة المؤلفين»، ويجعلها - كما يجعل كل غبطة من نوعها - عليا المطامح التي ترتقي إليها آمال الناس في هذه الحياة.

فليس في الدنيا - كما يقول - سعادة أسعد من نجاحك في التوفيق بين موضوع عملك وموضوع سرورك، أو من اتخاذك العمل سبيلا من سبل الرياضة والرضاء، وهو يسأل ويطيل في سؤاله بما خلاصته: ماذا يعنيك مما يحدث وراء الأفق الذي تعيش فيه بعملك وسرورك؟ ليصنع مجلس النواب ما بدا له؛ وليصنع معه مجلس اللوردات مثل هذا الصنيع؛ ولتضطرب الأسواق، وليثر من يثور، فلا ضير عليك وأنت منزو في تلك الساعات القلائل عن عالم يساء حكمه أو يساء نظامه.

ثم ينتقل إلى الحديث عن الحرية والتأليف، فيرى أن أداة التأليف هي أخف الأدوات مئونة وأقلها كلفة؛ لأنها قلم وصفحات من الورق، وإن أبقى شيء يبقى من وراء أسداد الزمان والمكان هو الكلمات. •••

قل: إنه عزاء للمؤلفين يخلقونه من الخيال أو يخلق لهم من وقائع الأيام، فالمهم أنه قد خلق، وأنه قد نزل من نفوسهم منزل العزاء الصحيح.

الفصل الثامن والأربعون

السلفية والمستقبلية

عني الأديب الفاضل الأستاذ الحوفي بالرد على اللغط الذي يلوكه باسم التجديد ذلك الكاتب الذي يكتب ليحقد، ويحقد ليكتب، ويدين بالمذاهب ليربح منها ولا يتكلف لها كلفة في العمل أو في المال.

ناپیژندل شوی مخ