200

یاقوته غیاصه

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

ژانرونه

وأما الأصل الثالث: وهو أن ذلك الأمر ليس إلا الفاعل المختار فالذي يدل على ذلك أنه إذا ثبت أنه لابد من أمر فذلك الأمر لا يخلو إما أن يكون ذاته أو غيره والغير لا يخلو إما أن يكون فاعلا أو علة، والعلة لا تخلو إما أن تكون موجودة أو معدومة، والموجودة لا تخلو إما أن تكون لوجوده أول أول، والأقسام كلها باطلة [100أ] سواء أن المؤثر هو الفاعل المختار أم أنه لا يجوز أن يكون هو الذي أثر في ذاته فلأن ذاته ثابتة في حال العدم فكان يلزم أن يكون موجودا في الأزل، وقد أبطلنا أن يكون قديما دلتنا على حدوثه وتحقيق هذا الوجه أنه إذا أثر في نفسه فتأثير لا يخلو إما أن يكون على وجه الإيجاب أو على وجه الاختيار.

فإن كان على وجه الإيجاب حصوله فيما لم يزل؛ لأن المعدوم حاصل وإن كان على وجه الاختيار فذلك محال؛ لأن المختار يجب أن يكون حيا قادرا، والمعدوم ليس كذلك.

الوجه الثاني: أنه لا يخلو إما أن يؤثر في ذاته وهو معدوم، أو يؤثر فيها وهو موجود باطل أن يوجدها في حالة عدمه؛ لأن المعدوم لا تأثير له في شيء من الأشياء من غيره ولا نفسه، ولو جاز في نفسه وهو معدوم لجاز أن يؤثر في الأجسام بعد وجوده؛ لأن حال الموجود في التأثير أقوى من حال المعودم، وإن أثر في نفسه في حالة الوجود فاتخاذ الموجود محال.

الوجه الثالث: أن العالم لو جاز أن يكون محدثا لنفسه لجاز في أفعالنا أن تكون محدثة لأنفسها، وبطل إضافتها إلينا وتعلقها بنا، وذلك محال فبطل أن يكون هو المؤثر في ذاته، ولا يجوز أن يكون المؤثر فيه علة معدومة لوجهين:

أحدهما: أن العدم ثابت في الأول فكان يلزم أن يكون العالم قديما، وقد أبطلنا قدمه.

مخ ۲۰۳