وأما الأصل الثاني: وهو لابد من أمر أثر في وجوده فالذي يدل على ذلك وجهان:
أحدهما: أنه لا خلاف بين جميع العقلاء في أنه لا بد من أمر لأجله حدثت هذه الحوادث إلا ما يحكى عن فرقة من الدهرية إنما وقع الخلاف في تعيين ذلك الأمر، ومع اتفاق الخصوم على ذلك لا يحتاج إلى الدلالة عليه من طريق الجدل، وإن كان من ذلك لا يكفي من طريق العلم بل لا بد من دلالة أخرى.
الوجه الثاني: أن هذا معلوم ..........نأمل فإنا إذا علمنا أن العالم كان معدوما ثم حصل بعد أن لم يكن فإنه يعلم أنه لابد من أمر ما لأجله يحدد فيها هذا الوقت من ذاته أو أمر يحدد عنها من موجب أو مختار إذ لو لم يكن هناك أمرا لما كان بأن ينفي على ماكان عليه من العدم أولى من أن يحدد عليه الوجود وهذا ظاهر، وقد ذكر الفقيه حسام الدين أحمد بن أحمد (رحمه الله) في (العمدة) أن العلم بالصانع على سبيل الجملة ضرورة، قال: لأنا لا نعلم أنه لا بد من أمر لأجله حدث ثم إذا نظرنا في تفصيل ذلك الأمر علمنا بالدلالة على أنه فاعل مختار وذلك هو متعلق العلم الجملي، وذكره قاضي القضاة في (.....) أنه لا يعلم ضرورة لابد له من محدث للحوادث ولا يعلم ضرورة إنما أنه لابد من أمر ما لأجله حدث إلا في أفعالنا، فإنا نعلم ضرورة وجوب تعلقها مقصودنا ودواعينا وذلك تعليقها بنا على الجملة، فأما في غير ذلك فلا نعلم ضرورة.
قال: ولهذا وقع فيه الخلاف وذهب بعضهم أن المتولدات حدثت ولا محدث لها ولم يعقلها بطبع ولا غيره.
مخ ۲۰۲