196

یاقوته غیاصه

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

ژانرونه

أما الموضع الأول: وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فاعلم أولا أنا نعني بالمحدث الذي لابد لكل محدث منه هو الفاعل المختار ولسنا نعني بذلك أنه لا بد من مؤثر ما، وقد اختلف الناس في جميع ذلك، فاتفق العقلاء كافة أنه لا بد من أمر ما لأجله محدث بعد أن لم يكن إلا ما يحكى عن طائفة من الدهرية في جميع ذلك، فاتفق العقلاء كافة أنه لا بد من أمر ما فإنه يحكى عنهم أن العالم لا صانع له ولا علة، ولعلهم أرادوا بذلك والأفلاك وتراكيبها لما اعتقدوا قدمها دون الحدوث في العالم من الحوادث اليومية من النبات والحيوان فلا بد من تعلقه بأمر ما، ثم اختلف القائلون بأنه لا بد من أمر ما لأجله حدث العالم، فذهب أهل القبلة إلى أن فاعل العالم فاعل مختار وبه قالت البراهمة، واليهود، والنصارى، وبعض عباد الأوثان، والخلاف في ذلك مع أربع فرق وهم: الفلاسفة، والباطنية، وأصحاب النجوم والأفلاك، والطبايعية، فإن هؤلاء ألقوا على نفي الصانع المختار على المحدث الذي يقوله المسلمون وإن أطلق بعضهم لفظ ذلك، ثم اختلف القائلون بأنه لابد من صانع مختار على الحدث [98ب] فذهب الجمهور من شيوخنا إلى أن كل محدث لابد له من محدث مختار للعالم وغيره، وأنه لا يؤثر في الذوات إلا الفاعل وأن أثنوا الأسباب ففاعل السبب فاعل المسبب وهو المؤيد في المسبب الحقيقة، وذهب أبو القاسم البلخي ومن قال بقوله إلى إثبات الطبائع والخواص لبعض الأجسام، وأنها تؤثر في بعض الحوادث وإن كان الله تعالى هو الفاعل للأجسام وطابعها وقادر على اتخاذ تلك الحوادث عن الطبع من غير واسطة الطبع فأجازوا أن تكون في الحوادث ما يصدر عن الموجب كما أن فيها ما يصدره عن المختار، وذهبت المطرفية إلى إثبات الصانع المختار، ولكن قالوا إنه لا يؤثر إلا في أصول الأشياء، وهي الهواء، والماء، والريح ، ومنهم من زاد النار مع ذلك وقالوا هذه هي المؤثرة في العالم بالإحالة والاستحالة ولم يتوله تعالى تأثير فيه.

مخ ۱۹۹