وكتب أبو الحسن بن سيمجور إلى أبي الفوارس بن عضد الدولة بفارس «10»، فأمده بألفي فارس من نخب الأعراب، وانضم إليه فائق في خواص غلمانه وسائر من استجاشهم من أطراف خراسان، وكروا بأجمعهم على أبي العباس تاش في خيول غص بها عرض الجبوب «1»، وضاق عن ضمها أضلاع الشمال والجنوب، [وفيالق تحاكي رمال الفيافي، وتضاهي نجوم السماء أهبة وعددا، وتشابه قطرات البحار الزواخر مددا. ترجف الجبال الشوامخ تحت أقدامهم، وتكسع الأساود السود عند جراءتهم على الموت الذريع وإقدامهم] «2». فلما قاربوا نيسابور، خالفوا معسكره إلى البلد لا متلاكه عليه، ومساورته الحرب عن ظهر منعة واقتدار، وحال نجدة واستظهار، فعارضهم أبو العباس تاش في مسيرهم بعبد الله بن عبد الرزاق وأبي سعيد الشبيبي وخواص غلمانه، وناوشهم الحرب من حيث متع «3» النهار إلى أن صارت كعين الأحول. وظلت حملاته تحطمهم حطما، وتوسع أركانهم هدا وهدما. وكانت المجاعة ما بين سرخس «4» إلى [38 ب] مقامهم ذاك قد بلغت مبلغا أحرج صدورهم، وأقنع بالإجفال جمهورهم، إيثارا لفسحة المضطرب، والخلاص من ضيق المعترك.
وحمل أبو العباس تاش آخر النهار حملة قدرها خاتمة القتال، وآخرة النزال، فتلقاها أبو الحسن وأبو علي ابنه بشكائم قوية، وعزائم في الثبات صرية. وردوا مطلقات الأعنة، بمشرعات الأسنة، ووردوا مشرعات الزحوف بمرهفات السيوف. فلما انقلب «5» إلى مقامه وقد تفرق في تلك الحملة عنه سواد حماته، وحفظة راياته، شدوا الحملة عليه دفعة واحدة، فاضطروه إلى الانهزام، وإسلام المقام.
مخ ۷۶