95

یهودیت په عقیده او تاریخ کې

اليهودية في العقيدة والتاريخ

ژانرونه

ولما استتب الأمر للساميين بدت الحاجة ماسة إلى مصفاة ثالثة لتنحية لوط عن منافسة عمه إبرام، فذكروا أن لوطا استطاب المقام في ربوع سدوم وعمورة؛ ذلك الماخور الذي تمارس فيه متعة الجنس في مختلف ألوانها، ثم انتهى به الأمر إلى أن نزا وهو مخمور على ابنتيه فافترعهما في ليلتين متتاليتين، وأولد إحداهما ولدا أسماه مؤاب وأولد الأخرى ولدا أسماه بن عمي، وبذلك لوثوا شرف المؤابيين والعمونيين - ألد خصوم الإسرائيليين وأشد محاربيهم صلابة وشجاعة - وزعموا أن مجيئهم إلى العالم كان وليد عمل من أعمال العهر والفجور، فهم أولاد زنية؛ وتلك أكبر مثلبة يرمى بها امرؤ في ذلك العصر. (4)

وهكذا خلا الجو لإبرام، أبي اليهود وأبي الأنبياء. وقد رزقه إلهه ولدين فوجب أن تكون هناك مصفاة تمرر أحدهما وتحول دون مرور الآخر.

وقد فصلت التوراة قصتهما فذكرت أن ساراي امرأة إبرام، وكانت عجوزا عقيما، أشفقت أن يموت زوجها غير معقب وتلك سبة عند العبريين، فاقترحت عليه أن يدخل بجاريتها المصرية هاجر فيكون له منها ولد. وبنى إبرام بهاجر فولدت له إسماعيل، ثم وفد عليه نفر من الملائكة وأصابوا عنده من الطعام الذي جهزته امرأته ساراي ما طابت به أنفسهم فبشروها بأنها ستحمل وتلد، وتحققت البشرى فولدت له إسحاق وهو عبري خالص غير مهجن، وبذلك لم يبق من حاجة إلى الأمة وابن الأمة، فطردت سارة جارتها هاجر وابنها إسماعيل وأصبح إسحاق هو الذبيح الذي فداه الله بذبح عظيم. (5)

ورزق إسحاق ولدين توأمين كان أولهما إبصارا للنور هو عيسو وتلاه يعقوب، فوجب إقصاء أحدهما من الميدان، ومن الطبيعي أن يقصي عيسو «العيص» وأن يستبقي يعقوب؛ لأن يعقوب هو إسرائيل أبو بني إسرائيل رؤساء الأسباط (أي القبائل) اليهودية. وقد كتب الفوز لإسرائيل على أخيه عيسو بفضل مكيدة حاكتها أمه؛ إذ ألبسته ثياب أخيه في غيبته ومضت به إلى أبيه الكليل الطرف وقدمت له طعاما طيبا زعمت أنه من صيد ابنه عيسو، فخدع الرجل بابنه الأصغر يعقوب فباركه وهو يحسب أنه الابن البكر عيسو: «فشم رائحة ثيابه وباركه وقال ... ليستعبد لك شعوب وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين» (تكوين 27: 27-29).

ويلاحظ أن إسحاق لم يذكر في مباركته هذه اسم ابنه الذي فاضت عليه بركته ولا اسم ابنه الآخر الذي حلت عليه لعنته، على نحو ما فعل نوح حين قال: «ملعون كنعان. عبد العبيد يكون لإخوته. وقال: مبارك الرب إله سام، وليكن كنعان عبدا لهم» (تكوين 9: 25-26).

فقد كان الحديث كله مفصلا على قد الغرض النهائي الذي يسعى إليه أحبار اليهود وهو إصدار مرسوم (فرمان) يخول بني إسرائيل الحق في أن ينهبوا العالم طرا.

وقد عاش نوح بعد الحقبة التي ذكرنا أخباره فيها 350 سنة طواه فيها النسيان؛ إذ إن كتاب التوراة أغفلوا أمره فيها كما أغفلوا قبل ذلك ما كان من أمر آدم وحواء بعد طردهما من الجنة فلم نعرف كيف عاشا فوق ظهر الأرض ولا أين طواهما بطنها.

وإنما أغفل كتاب التوراة بقية سيرة نوح لأن الإفاضة فيها لا ينال بها الغرض الوحيد الذي وضعوه نصب أعينهم وهم يحبرونها ألا وهو الدعاوة للصهيونية ودعوة بني قومهم إلى الإغارة على البلاد العربية المجاورة ذات الخصب والثراء، وحثهم على اجتثاث أهلها والحلول محلهم في مرابعهم، واستعباد من بقي منهم في قيد الحياة واستذلالهم وممارسة النخاسة فيهم.

وفي سبيل هذه الغاية لم يبال صناع التوراة أن يفسدوا قصة الطوفان إفسادا شاملا، وقد أسهبوا في تفصيل ما تسرد من أحداث وتحديد ما تبين من أوصاف وغلوا في تضخيم ما تشتمل عليه من إحصاء، فإذا تلك الأحداث ليست مستحيلة الحدوث فحسب، بل هي كذلك تستعصي على التصور، لقد خيل إليهم خبالهم أنه بما أن الله قادر على كل شيء فمن الميسور أن يعزى إليه فعل أي شيء وإن تكن فيه لسنن الطبيعة مجافاة، ولأحكام العقل والمنطق منافاة، ولمكارم الأخلاق مجانبة، ومن الميسور أن يزعموا أن صدره قد وغر عليه من جراء مسلك أناس نكرات في ركن قرية نائية، فما عتم أن غمر بالطوفان وجه البسيطة فإذا الكرة الأرضية قد استحالت كرة مائية، ولم يبق ثم غير خضم لجب لا شاطئ له، تطفو فوق صفحته المتلاطمة جثث الخلائق الأبرياء ومن بينها جثث الذين عاونوا نوحا في بناء سفينته.

يا لهول الآلام المروعة التي عاناها أولئك المساكين وهم يشهدون المياه المتفجرة من أسفل تعلو حثاثا وتبتلعهم فريقا إثر فريق، فيهرولون إلى التلال ويصعدون في الجبال في عجلة محمومة علها أن تعصمهم من الكارثة. وقد مد الفتيان أيدي المعونة إلى الفتيات واحتضنت الأمهات أولادهن ليدرأن عنهم غائلة الردى، ولكن ما جدوى أن يرحم الهالكون بعضهم بعضا وقد طردهم الرحمن الرحيم جميعا من واسع رحمته؟! وما لبث المتسلقون أن تهاووا بين اللجج وما أبطأ السابحون أن خذلتهم سواعدهم، فأخرست الصرخات اللاهفة، وأطبق على العالم صمت الموت الرهيب ... حتى إذا ما انحسر الطوفان بعد عام وبعض عام برز سطح الأرض أجرد من النبت لا يكسوه إلا جثث المغرقين.

ناپیژندل شوی مخ