أنس ﵁، ولما همّ أنس بالدخول على نساء رسول الله ﷺ، ويبطل زعم من زعم أن الوجه ليس مما تحجبه المرأة عن الأجانب بقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (١) قال القرطبي ﵀: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكنّ يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله ﷺ أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن، إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكنّ يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف، فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا، وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تبرز للحاجة، فيتعرض لها بعض الفجار، يظن أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي ﷺ ونزلت الآية بسبب ذلك (٢).
قوله تعالى: ﴿جَلَابِيبِهِنَّ﴾ الجلابيب: جمع جلباب، والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن، قالت أم عطية ﵂: قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها. جلباب؟ قال:
١٠٨ - (لتلبسها أختها من جلبابها) (٣) وقد يستغرب هذا من يناوئ الحجاب اليوم، ونقول: لا غرابة ففي هذا بيان يسر
(١) الآية (٥٩) من سورة الأحزاب.
(٢) القرطبي سورة الأحزاب.
(٣) مسلم حديث (٨٨٣).