د ایټالیا واحدت

طه الهاشمي d. 1380 AH
170

د ایټالیا واحدت

الوحدة الإيطالية

ژانرونه

لقد كان تبديل العاصمة خطأ تجلت فداحته في الأشهر التي تلت، ويدل على خضوع شائن لأوامر فرنسة أو على حسد معيب لبيمونته، فإذا كانت روما ستصبح العاصمة فيما بعد فإن تبديل قاعدة الحكومة من تورينو إلى محل آخر غير روما لا يؤدي إلا إلى انفعالات وارتباكات لا جدوى فيها، وقد قال منجيني منذ سنتين: «لا تستطيع أمة أن تنقل عاصمتها مرتين.» بيد أن زعماء عصبة الدسائس انتهزوا الفرصة التي سنحت لهم للقضاء على تفوق تورينو، على أنه من الحق أن نقول إن المعاهدة باستثناء الملحق كانت تتفق إلى حد ما مع الكرامة القومية.

وقد خففت من شدة الجفاء بين فرنسة وإيطالية، ولعلها استطاعت أن تخيف البابا حتى اضطرته إلى كبت خصومته قليلا، ولكنها وضعت إيطالية في موقف كله زور سيحملها على حماية عدوها، ولم تكن أغلبية الأمة تريد أن تتساهل بالتخلي عن حقوقها في روما اسمية كانت أو فعلية، فزمجر ريكاسولي قائلا: «لقد جلب الإمبراطور الارتباك لهذا الوطن.» وكانت الحجة الوحيدة التي تسوغ عقد الميثاق أنه خير سياسة ممكنة في الظروف الراهنة؛ لأن سياسة الاستيلاء على روما بالقوة تؤدي إلى الاشتباك بحرب مع فرنسة.

ولقد وقع على الميثاق في 15 أيلول وكان الوزراء يجهلون العاصفة القادمة، ولكنهم كانوا يدركون بأن وراء الأكمة ما وراءها، وكانوا يحاولون اتقاءها بقبول بعض البيمونتيين في الوزارة، بيد أن لامارمورا ولاتزه وسللا رفضوا الدخول في وزارة زال اعتبارها وأصبحت على وشك السقوط ، وفي 18 أيلول اطلع الملأ على نص المعاهدة والملحق، فأصبح الدموقراطيون عليها حانقين وتجلى في تورينو شعور من السخط، ومع أن أهلها تركوا منذ مدة طويلة فكرة التمسك بأن تكون مدينتهم عاصمة الدولة، وكان لديهم من الوطنية ما يكفي بأن يضحوا بمدينتهم في سبيل روما، ولكنهم كانوا يدركون أن نقل العاصمة إلى فلورنسة أو نابولي في وقت جاهدت فيه بيمونته وسفكت دماءها وبذلت مالها لإنقاذ إيطالية يعني - وفي ذلك بعض الحق - نكرانا للجميل وإهانة للبلد المجاهد.

وقد أجمعت الطبقات كلها على استنكار هذا التخلي والاحتجاج عليه بشدة، وأخذ المتظاهرون يهتفون «روما أو تورينو»، وفي 21 أيلول هوجم الجمهور المتظاهر من قبل الجنود الكاربانيري فوقع منهم خمسون قتيلا وجريحا من الرجال والنساء، وراجت شائعة بأن بيمونته تركت لفرنسة بموجب مادة خفية في الميثاق ولكن الوزارة المذعورة لم تبذل أي جهد لتهدئة الخواطر، مع أنه لو أنيطت في مثل ذلك الوقت الحرج دورية الطرقات بالحرس القومي لحيل دون سفك دماء أخرى.

وقد أسخط الشعب حشد الجنود دون مسوغ واستفزهم الأمر، حتى وقع مساء 22 أيلول اصطدام أكثر خطورة بين الجنود والشعب، وخر فيه خمسة وعشرون قتيلا وجرح مائة ونيف في طرقات مدينة تورينو التي عرفت بإخلاصها ورزانتها.

الفصل السادس والثلاثون

قائمة التخطئة

أيلول 1864-حزيران 1865

لقد أصبح بقاء وزارة منجيني في الحكم متعسرا بعد مذبحة تورينو، فانسحبت وتركت لخلفها ميراثا من الخلل الذي ولدته، ولما رفض رتازي تأليف الحكومة توجه الملك نحو لامارمورا بصفته أصلح وزير في مثل هذه الأزمات، وكانت ولادته في بيمونته وميوله البيمونتية تساعده على تسكين بعض الحدة والتخفيف من شكوك تورينو، وكان يصعب على القوميين من أهل الأقطار الأخرى أن ينتقدوا وطنيته بسبب اتصاله المديد الخاص بكافور، وكان رجلا نزيها شجاعا ذا بصيرة نافذة ورزانة محتفظا بمعظم تقاليد المدرسة الصالحة التي هيأت رجال الدولة البيمونتية.

وكانت صلابة هذه المدرسة وشغفها بالعدل والعقل قد جعلتا أعضاءها ينشئون سياسيين، وكان لامارمورا يكره الميثاق لا من حيث المبدأ ولا لأنه يقول بنقل العاصمة، بل لأن طبيعته الصادقة كانت تنفر من الالتباس الذي ينطوي عليه الميثاق؛ ولأنه كان يعلم بأن منع الغارة على الحدود متعذر، وقد قبل المهمة مؤملا أن يستطيع سد الثغرة بين بيمونته وإيطالية وقانعا بأن قبول الميثاق بجميع مساويه خير من قطع العلاقات مع فرنسة برفض معاهدة قد وقع عليها، وقد عزم على أن يعرض الميثاق والملاحق على المجلس النيابي وألا يبقى في منصبه إلا إذا قبلهما المجلس، أما المجلس فقد أقدم على المذكرة وأخر الميثاق خشية أن تؤدي استقالته إلى إثارة العاصفة، ولم تستطع جماعات اليسار والبيمونتيين حين الاقتراع عليه أن يظفروا بأكثر من سبعين صوتا معارضا.

ناپیژندل شوی مخ