ما بعد استشهاد الإمام علي ﵇:
وبعدما قُتل أمير المؤمنين علي ﵇ شهيدًا على يد الخارجي الغادر ابن ملجم بويع لابنه الحسن ﵇ بالخلافة على المسلمين، فما كان منه إلا أن جمع صفوف المسلمين، وتحققت فيه معجزة النبي ﵌.
فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي قال: رأيت رسول الله ﵌ والحسن بن علي ﵇ إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة، ويقول: (إن هذا ابني سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين عظيمتين) (^١).
وقد جعل الإمام الحسن بن علي ﵇ أحد شروط الصلح مع معاوية، أن يحكم في الناس بالكتاب والسنة، وعلى سيرة الخلفاء الراشدين (^٢).
وهنا يجدر بنا أن نلتفت الأنظار إلى شيء هام ألا وهو أنه على الرغم مما حدث بين أمير المؤمنين علي ومعاوية ﵄ إلا أن الروح السائدة التي كانت بينهما هي روح المودة والمحبة والتلاحم والترابط، ومما يدل على التلاحم الأخوي والتراحم الديني بين أمير المؤمنين علي ومعاوية ﵄ مع ما كان بينهما من اختلاف اجتهادي - فقد كان معاوية كلما تذكر عليًا بعد استشهاده بكى على فقده وترحم عليه.
فعن الأصبغ بن نباتة قال: (دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي... سفيان ﵁، فقال له: صف لي عليًا؟ قال: أو تعفيني؟ فقال: لا، بل صفه لي.
قال ضرار: رحم الله عليًا! كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن -والله- مع تقريبه لنا