============================================================
لعلمه، ولا معتمد على رأيه، ومنهم منسوب إلى العقل والدهاء، مفقود الورع والتقى، ومنهم متوادون، على الهواء واقفون، وللدنيا يذلون، ورياستها يطلبون، ومنهم شياطين الإنس عن الآخرة يصدون وعلى الدنيا يتكالبون، وإلى جعها يهرعون، وفي الاستكثار منها يرغبون، فهم في الدنيا احياء، وفي العرف موق، بل العرف عندهم منكر، والاستواء بين الحي والميت معروف : ه فتفقدت في الأصناف نفسي، وضقت بذلك ذرعا، فقصدت إلى هدى المهتدين بطلب السداد والهدى، واسترشدت العلم، وأعملت الفكر، وأطلت النظر، فتبين لي من كتاب الله، وسنة نبيه وإجماع الأمة : أن اتباع الهوى يعمي عن الرشد، ويضل عن الحق، ويطيل المكث في العمى، فبدأت بإسقاط الهوى عن قلبي، ووقفت عند اختلاف الأمة، مرتادا لطلب الفرقة الناجية، حذرأ من الأهواء المردية؛ متحرزا من الاقتحام قبل البيان، والتمس سبيل النجاة لمهجة نفسي "ثم وجدت آن سبيل النجاة في التمسك بتقوى الله وأداء فرائضه، والورع في حلاله وحرامه، وجميع حدوده، والإخلاص لله تعالى بطاعته، والتأسي برسول الله "فطلبت معرفة الفرائض والسنن عند العلماء بالآثار، فرأيت اجتماعا واختلافا، ووجدت جميعهم متفقين على آن علم الفرائض والسنن عند العلماء بالله وأمره، الفقهاء عن الله العاملين برضوانه، الورعين عن محارمه، المتأسين برسوله ، والمؤثرين الآخرة على الدنيا، فالتمست من بين هذه الأمة الصنف المجتمع عليهم، واقتبست من علمهم، فرأيتهم أقل من القليل، ورأيت علمهم مندرسأ كما قال : "بدأ الإسلام غريبأ، وسيعود غريا، كما بدأ، فطويى للغرباء وهم المتفردون بدينهم: "فعظمت مصيبتي لفقد الأتقياء، وحشيت بغتة الموت آن يفجأني على اضطراب من عمري، لاختلاف الأمة، وانكمشت في طلب عالم لم أجد لي من معرفته بدا، ولم أقصر في الاحتياط، ولا في النصح، فقيض لي الرعوف الرحيم
مخ ۳۰