209

============================================================

ويزين عند كل صنف منهم شأته، ويعيب عندهم أحوال من يخالفهم، فأغوى بضهم بعض ودل بعضهم على عثرات بعض ولقن بعضهم حججا على بعض كهيثة الناصح لهم، فيكيد جمعهم بمكائده وما يشعرون (1).

وعى القوم يبدون ما في النفوس، ويطلبون العثرات ويظهرون العيوب، ويتفكهون بالغيبة وبقول الزور، ويترامون بالبهتان، ويشهد بعضهم على بعض بالعظائم، وينسبه إلى الكفر والضلال، أعاذتا الله وإياكم مما حل بهم اخواني : لو شغل القوم بينهم ووضعوا أنفسهم، وأنزلوها منازل الإستفادة من غيرهم، وإقتبسوا العلم من أهله، لكانوا أولى البلوغ الجيد أجرا : ويحكم !! لقد سلك بهم الشيطان في أودية المكاره، وغرهم بفنون من الحسنات، أوقعهم بها في باطل السيئات، وفي [مكائد) (2) النفوس من الموبقات، ورقي بهم فيما يحسبون إلى الدرجات، ولقد حطهم بمكائده في الدركات، فجمعهم في سفينة تتلاطم (2) بهم الأمواج، وجهلوا أدواء النفوس، ومكائد الشيطان، إلا من عصم الله، وما يشعرون: ولعمري لثن أيقظهم من رقدة الغفلة، ونبههم من حيرة الهوى، وعرفوا أدواء السرائر، والأهواء الخفية، وتدبروا أمرهم ونصحوا أنفسهم ليجدون إخمال الذكر، وإخفاء عمل البر لهم أولى وأقرب إلى الله، وليجدون النفوس منغصة لتفقد أسوائها، نافرة من مخالفة أهوائها، مستحسنة لما ظهر من أعمال برها، (1) مثل هؤلاء كثيرون بين علماء الشريعة الذين أنفوا من اتباع السلف واعتزلوا ، مثل : واصل بن عطاء رأس المعتزلة، واختلاف المعتزلة معروف يرجع إليه في كتب النحل، والشيعة كذلك فارقوا الجماعة وانشعبوا شعبا كثيرة كان لها أثر هدام بالغ في التراث الإسلامي، وكذلك انفرد الحسن الصباح زعيم الحشاشين بمذهبه ودواهي في التاريخ الإسلامي ويوجد مثل هؤلاء بين علماء التصوف . إما عن جهل كما يفعل الجهال الذين ينفردون عن أشياخهم ويصدرون أنفسهم للارشاد دون إذن، وإما عن علم الشيطان كالطريقة البكتاشية، وبعض الطرق الاباحية التي عم أذاها في مصر وغيرها .

(2) ما بين المعقوفتين : صقطت من الأصول .

(3) في الأصل : يتقي.

مخ ۲۰۹