(*) فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب، فقال: [ له ] يا معاوية، إنه لا يطبع على قلب إلا بذنب، ولا يشرح [ صدر ] إلا بتوبة (1)، ولا أظن قلبك إلا مطبوعا.
أراك قد وقفت بين الحق والباطل كأنك تنتظر شيئا في يدى غيرك ".
فقال معاوية: " ألقاك بالفيصل أول مجلس إن شاء الله ".
فلما بايع معاوية أهل الشام وذاقهم قال: " يا جرير الحق بصاحبك ".
وكتب إليه بالحرب (2)، وكتب في أسفل كتابه بقول كعب بن جعيل: أرى الشام تكره ملك العراق * وأهل العراق لها كارهونا (3) وكل لصاحبه مبغض * يرى كل ما كان من ذاك دينا
__________
(1) في الأصل: " ولا ينشرح إلا بتوبة " وأثبت ما في ح.
(2) لم يذكر لنا نصر نص رسالة معاوية، وهى كما جاءت في كامل المبرد 184: " بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن صخر إلى على بن أبى طالب.
أما بعد فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت كأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين، ولكن أغريت بعثمان المهاجرين، وخذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل وقوى بك الضعيف.
وقد أبى أهل الشام إلا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين.
ولعمري ما حجتك على كحجتك على طلحة والزبير، لأنهما بايعاك ولم أبايعك.
وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة، لأن أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام.
وأما شرفك في الإسلام وقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعك من قريش فلست أدفعه ".
وقد روى هذه الرسالة صاحب الإمامة والسياسة (1: 87) وزاد بعد قوله: " كانت شورى بين المسلمين " هذا الكلام: " وقد كان أهل الحجاز أعلى الناس وفي أيديهم الحق، فلما تركوه صار الحق في أيدى أهل الشام ".
وهذه العبارة الأخيرة توضح لنا السر في ارتياب ابن أبى الحديد في آخر الصفحة 252 من الجزء الأول، في تمام الرواية التى رواها المبرد.
وقال في أول 253: " وما وجدنا هذا الكلام في كتابه ".
وما هو ذا الكلام بتمامه بين يدى القارئ.
(3) ح (1: 158): " تكره أهل العراق * وأهل العراق لهم ".
وفي كامل المبرد 184: " تكره ملك العراق * وأهل العراق لهم ".
مخ ۵۶