============================================================
19 الوحيد في سلوك أهل التوحيد فمن قال إن رسول الله حين توضأ مرة واحدة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، ثم توضأ مرتين مرتين: وقال في الثالثة: "هذا وضوئي ووضوع الأنبياء من قبلي(1لم.
فمن قال في حقه أنه كان في الثالثة: أكمل منه في الأولى:، وأن الأولى: ناقصة بالنسبة إلى الثالثة: فقد كفر؛ لأنه إنما تنزل من الثلاثة إلى الواحدة للتعليم، وقد تنؤل معلم القرآن إلى مراتب الصبيان للتعليم، فيقرأ أول سورة للقرآن وهو حافظ لجميعه فلا يكون ذلك للنقص بل للكمال، وذلك من أعلى مقامات الكمال ولم يكن فيه نقص بالنسبة إليه فإنه كان يتنزل للتعليم ويتكلم للتفهيم.
والذي أراه من ذلك أن رسول الله كان في كل زمن فردا مترقيا لقوله تعالى: (وقل رب زثني علما [طه: 114]، والحديث: "دلا بورك لي في صبيحة يوم لا أزداد فيه علملاالم.
فلما ترقي إلى مقام شهد فيه من فضل الله تعالى عليه ما يعجز البشر عن القيام بحق الله تعالى فيه وشكر لنعمه عليه لقوله تعالى: وكان فضل الله عليك عظيما [النساء: 113].
وقوله تعالى: وما قدروا الله حق قذره [الأنعام: 91].
فكان يرى نفسه مقصرا مع كماله، ومن كماله آن يرى نفسه مقصرا عن آداء ما يجب لله كل عليه في ذلك، فيستغفر الله تعالى وذلك الاستغفار في اليوم والليلة .
التوبة في حق العموم وأما التوبة في حق العموم فلا تصح إلا بالانخلاع عن جميع الذنوب، كبيرها وصغيرها جليلها وحقيرها أولها وآخرها.
وشروطها الظاهرة وهو الانخلاع عن الذنب أولأ قولا وفعلا ظاهرا وباطنا، والندم
الملازم للقلب ثانيا حتى يحرق نيران الخوف كبدهم، ويظهر ذلك على جوارحهم من البكاء والنحول والذبول والأسف واللهف وقطع علائق القلب بالمنى، وبالعزم الجازم ألله (1) رواه أحمد في المسند (98/2).
(2) رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (553/2)، والطبراي في الأوسط (367/2) .
مخ ۹