============================================================
الوحيد في سلوك أهل التوحيد من متوقع لأن الله تعالى قد بشره بالمغفرة لما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكذلك الصحابة، والشك يستحيل عليه ، ولأنه معصوم من ذلك والصحابة، رضوان الله تعالى عليهم، قد بشرهم رسول الله بالجنة فلا يشكون في ذلك، وإنما مقام الهيبة يقتضي رؤية العظمة واستصغار آنفسهم ومحقها حتى يتمتوا آن لا وجود لهم، هذا مع البشارة لهم بالجنة.
وقلت: باتت لوعدك عيني غير راقدة والليل حي الدياجي ميث السشحر هذا وقد بت من وصل على ثقة فكيف لو بت من هجرعلى خطر وأما التوبة فهي تنشأ عن الخوف وقد تقدم نبذة منها، والورع والاحتراز ينشأان عن التوبة، والورغ عبارة عن الاحتراز حتى يترك ما لا بأس به خشية مما به البأس، وتكون الأشياء عنده كالحيات والعقارب يخشى أن تلسعه، فتراه يخاف من كل شيء ولولا ضرورة المطعم والمشرب الذي لا تقوم العبادة وأداء الفرائض إلا هما لما أكلوا وما شربوا.
وقناعتهم في الدنيا بل في كل الأشياء معروفة، وقذ كان الصحابة يتركون تسعة أعشار الحلال مخافة من الوقوع في الحرام، وكانت نساء الأنصار يخرجن خلف أزواجهن إلى الأبواب ويقلن لهم: الله الله في أمرنا فإنا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار .
وأعرف فقيرا كان لا يأكل إلا ما يتحقق من حله ويكون مطحونا وحده، وكان لا يجتمع بالناس، ولا يسآل، ويسافر في البر بغير زاد حتى كان يقتات بالصبر المملوح وما أشبهه، وكان بعض الأحيان يفطر بعد العصر على فولق وكان منهم من يقبض على أنفه من شم المسك ويقول إنما ريخه، ومنهم من لا يمشي في نور سراج الظالم، ومنهم من لا يشرب من الأنهار المحتفرة.
وكان فقيه عندنا يتورغ من أشياء كثيرة مباحة، وكان إذا دخل من باب وفيه شيء مكتوت من كلام الله تعالى تحنى، ولا يطلع مجلسا تحته كتابة من القرآن، وقد كانت جماعة كثيرة يتورعون في أقوالهم وأفعالهم ومأ كلهم ومشرحم، وورغ القباري(1) (1 أبو القاسم بن منصور بن يحيى السكندري القباري، زاهد أخلص في العمل، واحتهد في قطع الأمل،
مخ ۳۱