الباب الأول
اعلم وفقني الله وإياك أن من أرخ بعد حريق المسجد الشريف كالعلامة جمال الدين المطري والعلامة بدر الدين بن فرحون والعلامة زين الدين المراغي والعلامة مجد الدين الشيرازي وغيرهم قد قالوا وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ دون المعنى الذي نحن بصدده، وقد جمعت بين أطراف كلامهم: احترق المسجد الشريف النبوي ليلة الجمعة أول شهر رمضان من سنة أربع وخمسين وستمائة في أول الليل وكان ابتداء حرقه من زاويته الغربية من الشمال وسبب ذلك كما ذكره أكثرهم أن أبا بكر بن أوحد الفراش أحد القوام بالمسجد الشريف دخل إلى حاصل المسجد هناك ومعه نار فغفل عنها إلى أن علقت في بعض الآلات التي كانت في الحاصل وأعجزه طفيها ثم احترق الفراش المذكور والحاصل وجميع ما فيه وقد ألف العلامة القطب القسطلاني في ذلك وفي النار العظيمة التي ظهرت بالمدينة الشريفة في ذلك كتابا سماه (عروة التوثيق في النار والحريق) وذكر فيه بدائع من حكم الله تعالى في حدوث ذلك ونبه فيه على ما يوافق ما قدمناه عن المؤرخين في سبب الحريق فقال: كتب إلي الصادق في الخبر وشافهني من شاهد الأثر؛ أن السبب في حريق المسجد الشريف دخول أحد قومة المسجد في المخزن الذي في الجانب الغربي من آخر باب المسجد لاستخراج قناديل لمنائر المسجد، فاستخرج منها ما احتاج إليه ثم ترك الضوء الذي كان في يده على قفص من أقفاص القناديل وفيه مشاق فاشتعل فيه، وبادر لأن يطفيه، فغلبه وعلق بحصر وبسط وأقفاص وقصب كان في المخزن ثم تزايد الالتهاب وتضاعف إلى أن علا إلى سقف المسجد.
مخ ۹۷