27 - حسب عادتهم - نفرت الإبل وولت هاربة، فغضب صاحبها وتناول حجرا فرمى به وقال: «لا بارك الله فيك إلها أنفرت علي إبلي.»، ثم خرج في طلبها حتى جمعها، وانصرف عنه وهو يقول:
أتينا إلى «سعد» ليجمع شملنا
فشتتنا «سعد» فلا نحن من «سعد»
وهل «سعد» إلا صخرة بتنوفة
من الأرض لا يدعى لغي ولا رشد!
وكان بنو حنيفة أنفسهم أقل الناس احتراما لآلهتهم؛ إذ كانوا يأكلونها! ونحن جديرون أن نقرر عذرهم في ذلك؛ فقد كانوا يصنعون آلهتهم من نوع - بعينه - من العجوة، ومن اللبن والزبد؛ فلما وقعوا في قحط ومجاعة أكلوها. •••
ومن هنا يتضح أن العرب لم تكن تعتقد في تلك الأرباب اعتقادا جديا؛ فقد كان أكبر شيء يحترمونه هو الله تعالى، علي أن الله لم يكن له عندهم أيضا عقيدة قوية راسخة في قرارة نفوسهم؛ لأنهم كانوا لا يعرفون عنه شيئا كثيرا، إذ لم يكن له كهان يدعون الناس إليه، ويرغبونهم في عبادته وطاعته، ويذيعون إرادته ويوضحون لهم ما قدره من خير وشر. (8) عقيدة البعث
ولم يكن الناس على عقيدة واحدة، بل كانوا شديدي الاختلاف؛ فمنهم من كان يؤمن بحياة ثانية بعد هذه الحياة ويدين باليوم الآخر، ولا يقف عند حد الاعتقاد في بعث الإنسان، بل يدين ببعث الحيوان أيضا، ومن ثم كان يدفن راحلته إلى جانبه أو يتركها تموت على قبره، ليركبها يوم القيامة، فلا يتكبد عناء السير على قدميه.
على أن سوادهم كان يستهزئ بفكرة البعث ويسخر منها، وكانوا يدينون في كل مكان برأي القائل:
حياة، ثم موت، ثم حشر
ناپیژندل شوی مخ