393

الالتزامية كالمخالفة العملية أولا؟ فاعلم أولا أن للمخالفة الالتزامية مرتبتين ، الاولى : مجرد عدم الانقياد القلبي بالحكم الشرعي ، وبعبارة اخرى اللابناء ، والثانية : البناء القلبي على الخلاف مضافا إلى عدم انقياد الحكم وعدم الإذعان به.

ومحل الكلام ما إذا لم يكن في البين مخالفة قطعية عملية لا في زمان واحد ولا تدريجا ، وهو لا محالة يكون فيما إذا دار الأمر في زمان مخصوص يسع عملا خاصا بين كون هذا العمل الخاص حراما أو واجبا مع العلم بعدم الحرمة والوجوب قبل هذا الزمان وبعده ؛ فإن المخالفة القطعية من حيث العمل غير ممكن حينئذ ولو بطريق التدريج ، والمخالفة الاحتمالية لازمة على أي حال ؛ لعدم إمكان صدور الفعل والترك معا عن المكلف ولا خلوه عنهما وبشرط عدم العلم بالتعبد به إما في الوجوب معينا أو في الحرمة كذلك أو كليهما ؛ لوضوح أنه معه يتحقق المخالفة القطعية كما هو واضح.

وهذا في الشبهة الحكمية لم نعثر له على مثال ؛ فإن الأحكام الشرعية ثابتة من أول هذه الشريعة إلى الأبد وليس فيها ما يكون دوامه ساعة واحدة مثلا ، حتى يعلم إجمالا بكون العنوان الفلاني في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من السنة الفلانية إما واجبا وإما حراما ، مع كونه خاليا عن الوجوب والحرمة قبل هذه الساعة وبعدها إلى الأبد.

نعم له مثال في الشبهة الموضوعية ، وهو كما إذا علم بصدور حلف منه متعلق بالمرأة الفلانية في الساعة الاولى من ظهر يوم الجمعة الفلاني بقدر زمان يسع الوطي الواحد فقط ، ولم يعلم أنه حلف على وطئها فيها أو على ترك الوطي ؛ فإن الأمر دائر حينئذ بين الوجوب والحرمة في الشيء الواحد والزمان الواحد ، ومن المعلوم أنه لا يخلو من الفعل والترك في هذا الزمان ، فينازع في مثل ذلك في أنه هل يحرم عدم البناء على شيء أصلا والبناء على عدم الوجوب والحرمة معا أولا؟.

فنقول : إن كان مقصود المدعي أن المكلف يكون عالما بالإلزام على نحو الإجمال فيلزم عليه الانقياد والتصديق القلبي على قدر علمه وبمقدار معلومه ، فيلزم الاعتقاد بأصل الإلزام على ما هو عليه واقعا من الوجوب والحرمة ، فالظاهر أنه

مخ ۳۹۶