384

بطريقيته اعتباره من حيث حكايته ومظهريته للمعلوم.

وحينئذ فنقول : المفروض أن موضوع الأثر هو الخمر المقطوع بدخل الخمر والقطع معا مع أخذ القطع طريقا ، ولازم ذلك عدم قيام الأمارات وبعض الاصول مقامه ؛ لأن دليل حجيتها لا يخلو من حالين : إما مفاده التنزيل من حيث آثار المعلوم ، وإما من حيث آثار العلم ، فعلى الأول لا بد من أن يكون النظر إلى القطع والظن طريقيا بأن ينظر بهما إلى المعلوم والمظنون فيصير معنى أن البينة مثلا حجة أن : المائع الذي قام على خمريته البينة بمنزلة الخمر المعلوم ، وهذا يوجب ترتيب كل أثر يترتب على نفس الخمر على هذا المائع ، وقد فرضنا كون الأثر للخمر والقطع معا ، فكل أثر كان للقطع لا يترتب يعني لا يفيده هذا الدليل ، فيحتاج إلى دليل آخر على تنزيل الظن أيضا مقام القطع حتى يحصل كلا جزئي الموضوع.

وعلى الثاني لا بد من أن يكون النظر إليهما استقلاليا ويحكم بأن الظن كالقطع وهذا لا يوجب إلا ترتيب جميع الآثار التي تمام موضوعها القطع على الظن ، وينفي الآثار التي تمام موضوعها الواقع أو هو مع القطع ، فيحتاج إلى تنزيل آخر بنظر طريقي حتى ينزل مؤدى الظن أيضا منزلة مؤدى القطع حتى يحكم بتلك الآثار أيضا.

فعلم أن قيام الأمارة والأصل مقام العلم في جميع الآثار يحتاج إلى تنزيلين تكفلهما دليلان ، وأما الدليل الواحد فلا يتكفلهما ؛ ضرورة أنهما لحاظان متباينان لا يمكن جمعهما في لحاظ واحد.

ثم العمومات الدالة على حجية الأصل والأمارة يكون التنزيل منزلة الواقع قدرا متيقنا منها ، ومع ذلك لا يمكن دلالتها على التنزيل الآخر ، ولازم ذلك عدم قيام الأمارات والاصول مقام العلم في الآثار التي يكون العلم تمام موضوعها أو جزئه وإن كان العلم موضوعا على وجه الطريقية.

هذا حاصل الإشكال ولا بد أولا من فهم معنى الطريقية والصفتية ، فنقول : إن كان المراد بالطريقية كون العلم مرآتا صرفا لمتعلقه ، بحيث لا ينظر فيه أصلا ، فيلزم عدم دخله في الموضوع ؛ لأن المفروض أن الجاعل لم ينظر إلى القطع إلا بالنظر

مخ ۳۸۷